خوف على لبنان بعد 75 عاما على الاستقلال

خوف على لبنان بعد 75 عاما على الاستقلال

المغرب اليوم -

خوف على لبنان بعد 75 عاما على الاستقلال

بقلم -خيرالله خيرالله

لدى العودة إلى لبنان والذكرى الـ75 للاستقلال، يبقى هناك أمل واحد في إنقاذ ما يمكن إنقاذه. يقوم هذا الأمل على خلق وعي على الصعيد الشعبي لخطورة ما تقوم به إيران من أجل فرض وصايتها على البلد.
في مناسبة مرور خمسة وسبعين عاما على إعلان الاستقلال في الثاني والعشرين من تشرين الثاني – نوفمبر 1943، لا يزال هناك سؤال يطرح نفسه. لماذا لا يزال لبنان قادرا على الدفاع عن نفسه، في حدود ضيقة، ومقاومة من يسعى إلى القضاء نهائيا على مؤسساته؟ الجواب أن الصيغة اللبنانية تمتلك من القوة ما يجعل البلد، الذي وصفه غير زعيم عربي بأنّه “هش”، قادرا على التقاط أنفاسه بين حين وآخر. يلتقط لبنان أنفاسه بين حين وآخر، علما أنّ ثمة مؤشرات إلى أن الرحلة اللبنانية تقترب من نهايتها، لأسباب مرتبطة بالاقتصاد أوّلا وفي ظل انهيار دول عدّة في المنطقة. في مقدّمة هذه الدول تأتي سوريا والعراق حيث المستقبل أكثر من غامض.

في العراق، هناك عجز واضح عن استعادة اللحمة بين مكونات البلد بعد تفكّك النسيج الاجتماعي ووجود تلك الهوّة بين السنّة والشيعة التي عملت إيران على تعميقها وترسيخها. يتبيّن يوميا أنّ درجة التغلغل الإيراني في العراق أكبر بكثير مما يعتقد. هذا ما لم يفهمه الجانب الأميركي الذي فشل في المحافظة على حيدر العبادي في موقع رئيس الوزراء بمجرد أن إيران وضعت “فيتو” على الرجل وأصرّت على إيجاد بديل منه.

ظهر أنّ هذا البديل (عادل عبدالمهدي)، ليس في المستوى المطلوب، في حين أن رئيس مجلس النواب محمّد الحلبوسي ليس أكثر من شبيه بالنواب السنّة الستة في لبنان الذين ينتمون في الواقع إلى “حزب الله”. يضغط الحزب من أجل إيصال أحد هؤلاء النوّاب إلى موقع وزير في الحكومة الجديدة. مثلما استطاعت إيران اختراق السنّة في العراق، تعمل حاليا على اختراق السنّة في لبنان عبر تابعين لها ليس لديهم سوى الحقد على سعد الحريري، و”تيّار المستقبل” الذي أثبت بالملموس أنّه تيّار سياسي خارق للطوائف والمناطق.

فشلت انتفاضة العراقيين على الوضع القائم. قمعتها الميليشيات التابعة للأحزاب العراقية التابعة لإيران. لم نعد نسمع عن البصرة والظلم اللاحق بها. كل ما نسمع عنه هو المساواة بين رواتب عناصر “الحشد الشعبي” (الميليشيات المذهبية)، الذي يعتبر النسخة العراقية لـ”الحرس الثوري” في إيران، كي تكون في مستوى رواتب عناصر الجيش العراقي.

يظل الاستثناء الوحيد في المشهد العراقي رئيس الجمهورية برهم صالح، الذي يعتبر رجل الدولة الوحيد في العراق. يسعى برهم صالح، وهو كردي مستنير يعرف ما يدور في العالم، إلى الدفاع عن مصالح العراق والمحافظة عليها والانفتاح على المحيط العربي من دون تجاهل إيران. ولكن ما الذي يستطيع عمله شخص واحد وحيد لا يمتلك ما يكفي من الصلاحيات في بلد ينخره الفساد والجهل من جهة، وقد انهار فيه النظام التربوي من جهة أخرى؟

ليست سوريا أفضل من العراق. بل هي أسوأ منه. إذا أخذنا في الاعتبار حجم الدمار الذي أصاب بنيتها التحتية، فضلا بالطبع عن المجتمع، لا يعود مجال لأي كلام عن إمكان استعادة الكيان السوري. عملت إيران على تغيير التركيبة السكانية لسوريا بغطاء من النظام الذي لا همّ له سوى البقاء مسيطرا على دمشق، أيّا يكن الثمن الواجب دفعه إلى أي جهة خارجية، بما في ذلك إسرائيل.

أمّا روسيا الساعية إلى إعادة اللاجئين إلى أرضهم وإلى إعادة إعمار سوريا، فهي لا تمتلك الوسائل التي تسمح لها بتنفيذ سياستها. هذا عائد قبل أيّ شيء آخر إلى اعتقادها أن في سوريا مؤسسات يمكن البناء عليها.

لم يكن في سوريا مؤسسات في يوم من الأيّام منذ انقـلاب 1963. كانت هناك، منذ ما قبل احتكار حافظ الأسد للسلطة في مثل هذه الأيّام من العام 1970، أجهزة أمنية. لم تكن هذه الأجهزة، التي عمل حافظ الأسد على تطويرها، سوى غطاء لأقلّية علوية سيطرت على البلد وأخذت السلطة والثروة من أهله الذين صاروا مغلوبين على أمرهم بعدما صار القمع والابتزاز السياسة الوحيدة التي يحسن النظام ممارستها.

ماذا ستفعل روسيا بالورقة السورية، التي ليست ورقة؟ لن تستطيع أن تفعل شيئا باستثناء أنّه يمكن أن تكتشف في يوم من الأيّام أن لا مجال للبناء على شيء في سوريا بعدما ظهر أن المشكلة ليست في دستور جديد، بمقدار ما أنّها في نظام أمني عمل منذ العام 1963 من أجل القضاء على أي أمل بقيام دولة مدنية في سوريا…

لدى العودة إلى لبنان والذكرى الـ75 للاستقلال، يبقى هناك أمل واحد في إنقاذ ما يمكن إنقاذه. يقوم هذا الأمل على خلق وعي على الصعيد الشعبي لخطورة ما تقوم به إيران من أجل فرض وصايتها على البلد. هل يمكن خلق مثل هذا الوعي الذي يحتاج أوّل ما يحتاج إلى من يفهم أهمّية المعادلات الإقليمية والدولية في الوقت ذاته. يكفي التمعن في ما يجري في سوريا والعراق، كي يكتشف اللبنانيون أن الميليشيات المذهبية لا يمكن أن تكون حلا.

على العكس من ذلك، أنّ الدور الوحيد الذي يمكن لهذه الميليشيات لعبه يتمثّل في تدمير ما بقي من المؤسسات. هناك مؤسسات لا تزال صامدة في لبنان. عمر هذه المؤسسات من عمر الاستقلال وهي ثمرة العهود الثلاثة الأولى التي مرت على لبنان. عهد بشارة الخوري، عهد كميل شمعون، عهد فؤاد شهاب.

هذه المؤسسات مكنت لبنان من العبور إلى العام 2018. هذه المؤسسات مكنت لبنان من الصمود على الرغم من جريمة اسمها اتفاق القاهرة المشؤوم الذي وقع في العام 1969، وعلى الرغم من عهد الميليشيات المسيحية والمسلمة التي كان يغذيها النظام السوري مثلما كان يغذّي الجماعات الفلسطينية المسلحة. فعل ذلك من أجل الحصول على ضوء أخضر أميركي وإسرائيلي في بداية العام 1976 كي يدخل إلى لبنان عسكريا. لم يصل النظام السوري إلى حدّ فرض وصايته الكاملة على لبنان إلا في العام 1990 عندما احتلّ قصر بعبدا ووزارة الدفاع في اليرزة، في ظروف تكشف إلى أيّ حدّ كان هناك غباء مسيحي في تلك المرحلة. إنّه غباء جعل هناك من يعتقد أن ثمّة مستقبلا لصدّام حسين، وأنّ في الإمكان الرهان عليه وعلى نظامه، خصوصا بعد مغامرته الكويتية وما سبقها من كلام فارغ عن قوّة الجيش العراقي وعظمته!

يواجه لبنان، بعد ثلاثة أرباع القرن على الاستقلال، تحديات في غاية الخطورة تعود إلى غياب الوعي لدى اللبنانيين لأهمّية المحافظة على ما بقي من مؤسسات الدولة. نعم، هناك خوف على لبنان في هذه الأيّام. في أساس هذا الخوف وجود ميليشيا مذهبية تسعى إلى تحقيق اختراق لدى السنّة، على غرار ذلك الذي حققته لدى المسيحيين. تتمدد هذه الميليشيا في كلّ الاتجاهات في غياب القدرة لدى المسيحيين، على وجه التحديد، على استيعاب المعادلات الإقليمية والدولية ومعنى ما يدور في سوريا والعراق ومغزى ذلك وأبعاده.

نقلا عن صحيفة العرب 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خوف على لبنان بعد 75 عاما على الاستقلال خوف على لبنان بعد 75 عاما على الاستقلال



GMT 08:07 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أخبار مهمة أمام القارئ

GMT 08:04 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الإمارات والأردن.. توافق لأمن المنطقة

GMT 08:01 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسوأ عقاب أوروبى لأردوغان

GMT 07:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لهذا تقود أمريكا العالم!

GMT 07:57 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كسر الحلقة المقفلة في اليمن

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 12:22 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "مصر للطيران" تستعد لاستقبال 33 طائرة جديدة

GMT 08:59 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

"شيوكو" أصغر الجزر الرئيسية الأربع في اليابان

GMT 00:19 2020 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

نفيديا تُعلن عن أول شاشة 360Hz

GMT 17:16 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

البرازيلي أليسون أفضل حارس في استفتاء الكرة الذهبية 2019

GMT 02:01 2019 الأحد ,03 آذار/ مارس

ديكورات غرف نوم أبناء النجمات

GMT 15:14 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

أنباء عن زيارة الملك محمد السادس لمراكش الثلاثاء

GMT 18:54 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعرّف على المُخدر الذي استخدمه راقي بركان للايقاع بضحاياه

GMT 14:29 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على أجمل ديكورات الجبس للمجالس داخل منزلك

GMT 04:16 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أم تستفيق بين أحضان طفلها بعد 23 يومًا من الغيبوبة

GMT 09:08 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

5000 بحيرة في النمسا تتقاسم الجمال الطبيعي والسُياح
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya