عن كذبة إعادة إعمار سوريا

عن كذبة إعادة إعمار سوريا

المغرب اليوم -

عن كذبة إعادة إعمار سوريا

بقلم - خيرالله خيرالله

هناك من توهم أن بوتين يمكن أن يقنع العاهل السعودي بالمساهمة في تمويل إعادة إعمار سوريا. هل هناك عاقل يمكن أن يقتنع بأن السعودية يمكن أن تمول مشروعا إيرانيا، أو لأدوات إيران، في سوريا؟

لا يوجد شيء اسمه إعادة إعمار سوريا كي يحصل تهافت لبناني بشكل خاص أو عربي بشكل عام على هذا البلد. الصين نفسها التي كانت تعتقد أن ثمّة ما يمكن المراهنة عليه بالنسبة إلى إعادة إعمار سوريا أعادت النظر في موقفها استنادا إلى مصدر مطّلع تابع اجتماعا انعقد في بيروت وخصّص للبحث في مستقبل سوريا وتطور الأوضاع فيها.

كان هناك من يروّج لاهتمام صيني بميناء طرابلس في شمال لبنان المطلوب تطويره وإقامة بنية تحتية فيه كي يصبح في استطاعته استيعاب بضائع ومواد ستستخدم في عملية إعادة بناء سوريا.

تبيّن مع الوقت أنّ مثل هذا التفكير الصيني لم يعد واردا. كذلك لم يعد واردا البحث في كيفية جعل الطرقات اللبنانية، التي تربط بين طرابلس وغير طرابلس والأراضي السورية، صالحة للشاحنات الكبيرة التي تنقل حمولات ثقيلة. ليست كلّ الطرقات مؤهّلة لسير مثل هذه الشحنات التي تنقل كلّ منها مواد بناء تزن أطنانا عدّة.


رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي يتفقد المسجد الأموي في حلب
فوق ذلك كلّه لا تريد الإدارة الأميركية سماع شيء عن إعادة إعمار سوريا. وهي وجهت البنك الدولي نحو الابتعاد عن مثل هذا النوع من التفكير وذلك تفاديا لإضاعة الوقت.

أوروبا نفسها لا تعرف ماذا تريد. تريد الاستفادة من إعادة إعمار سوريا وتتردّد في الإقدام على أيّ خطوة في هذا المجال ما دام ليس هناك ما يضمن توقف الحروب الدائرة على أرض هذا البلد، وهي حروب لا تزال في بدايتها. كان موقف المفوضية الأوروبية واضحا في الفترة الماضية لجهة غياب أيّ اهتمام حقيقي في المساهمة في إعادة إعمار سوريا.

في النهاية، هل يوجد مصرف عالمي يقبل تمويل أيّ مشروع في بلد واقع تحت خمس وصايات في أقلّ تقدير. أكثر من ذلك، لم يعرف بعد حدود أيّ وصاية من هذه الوصايات وكيف ستتوزع الأراضي السورية كمناطق نفوذ لروسيا وإيران وإسرائيل وتركيا… والولايات المتحدة طبعا.

المضحك في كلّ ما له علاقة بإعادة بناء سوريا أن النظام وحده، هو من يسوّق لوجود كذبة من هذا النوع بمساعدة إيرانية واضحة. فإيران ترفض الاعتراف بأنّها لا يمكن أن تبقى في سوريا في المدى الطويل على الرغم من كلّ الاتّفاقات التي وقّعتها مع حكومة غير شرعية وكلّ الاستثمارات بالمال والرجال والميليشيات المذهبية التي لعبت دورا رئيسيا في استمرار الحرب على الشعب السوري وعلى البلد نفسه.

أمّا روسيا فتكتفي بتوقيع اتفاقات واستقبال وفود تضمّ مؤيدين للنظام كي تؤكّد أنّ مستقبل سوريا مرتبط بها إلى حدّ كبير. تصرّ روسيا عبر كبار المسؤولين فيها، بمن فيهم الرئيس فلاديمير بوتين، على أنه لا وجود لمنتصر آخر غيرها في ذلك البلد، خصوصا أن تدخّلها العسكري في مثل هذه الأيّام قبل سنتين حال دون سقوط دمشق والساحل السوري.

لا شكّ أن روسيا تعترف بوجود شريك لها على الأرض السورية. هذا الشريك هو إيران الذي لا يريد الكرملين الدخول في مواجهة مباشرة معه، على الرغم من وجود توترات بين الجانبين تطل برأسها بين حين وآخر.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه يوميا بإلحاح هو ما العمل بهذا الشريك الثقيل الذي يريد فرض نفسه على شعب لا يستطيع أن يتحمّل من يريد تغيير نمط عيشه وفرض وصاية عليه من منطلق مذهبي ليس إلّا.

إنّه شريك يظنّ أن لعب دور القوّة الإقليمية المهيمنة مسألة سهلة وأن لعبة إثارة الغرائز الدينية والاستثمار في الإرهاب والميليشيات المذهبية وتغيير طبيعة المدن العربية مغامرة مأمونة النتائج لا يوجد من يريد الردّ عليها… أو أنّها لا يمكن إلّا أن ترتد على من يلجأ إليها.

كلّ ما في الأمر، بالنسبة إلى روسيا أن “الساحة السورية” باتت مهيّأة لصفقة قد تعقدها موسكو مع واشنطن يوما. هناك تنسيق عسكري أميركي-روسي واضح ولكن لا تعاون سياسيا ولا اتفاقات في هذا المجال بين الجانبين بعد.

الشيء الوحيد الأكيد أن وضع روسيا في سوريا أفضل بكثير من وضع إيران بدليل الزيارة التي قام بها لموسكو الملك سلمان بن عبد العزيز، وهي الأولى من نوعها لعاهل سعودي لهذا البلد.

تثبت هذه الزيارة أن هناك لغة منطقية بدأت روسيا تعتمدها في التعاطي مع المهتمين عن قرب بالشأن السوري والمعنيين به على نحو مباشر. كلّ كلام آخر عن زيارة الملك سلمان لروسيا لا معنى له، خصوصا أنّ هناك من توهّم أن بوتين يمكن أن يقنع العاهل السعودي بالمساهمة في تمويل إعادة إعمار سوريا. هل هناك عاقل يمكن أن يقتنع بأن السعودية يمكن أن تموّل مشروعا إيرانيا، أو لأدوات إيران، في سوريا؟

تبقى قصة إعادة الإعمار كذبة لا يصدّقها إلّا النظام السوري نفسه الذي لا يعي أنّه صار في مزبلة التاريخ منذ سنوات عدّة. في الواقع، بدأ العد العكسي لنهاية هذا النظام في اليوم الذي اعتقد أن تغطيته لعملية اغتيال رفيق الحريري ورفاقه ستنقذه من مصيره المحتوم وستجعل منها لاعبا إقليميا.

هل يوجد مصرف عالمي يقبل تمويل أيّ مشروع في بلد واقع تحت خمس وصايات في أقلّ تقدير. أكثر من ذلك، لم يعرف بعد حدود أيّ وصاية من هذه الوصايات وكيف ستتوزع الأراضي السورية كمناطق نفوذ لروسيا وإيران وإسرائيل وتركيا… والولايات المتحدة
هناك نظام لا يزال يعتقد أن البنك الدولي مثله مثل أيّ مصرف في العالم لا يعرف حتّى وظيفة هذا المصرف الذي مقرّه في واشنطن ولا الإطار الذي يتحرّك فيه.

لن تنطلي لعبة إعادة إعمار سوريا، وهي لعبة غير موجودة في الوقت الحاضر، على أحد. من أين ستأتي الأموال لإعادة الإعمار؟ هل هناك من يريد الإجابة عن هذا السؤال؟ لا تمتلك إيران أيّ أموال.

لا تمتلك روسيا أيّ أموال. الصين ليست راغبة في دخول اللعبة بعدما درست الموضوع من زوايا عدّة، من بينها الدور الذي يمكن أن يلعبه ميناء طرابلس اللبناني.

إلى إشعار آخر، لا استعداد سعوديا أو خليجيا للمساهمة في إعادة الإعمار ما دام الأفق السياسي غائبا. يمكن بدء الكلام عن أفق سياسي في اليوم الذي يظهر ما يشير إلى أنّ ثمّة تسوية سياسية تختلف عن تلك التي تطرح الآن.

بكلام أوضح، ليس هناك من هو مستعد لدخول عملية إعادة الإعمار في غياب المرحلة الانتقالية التي تعني بين ما تعني إعداد بشّار الأسد للرحيل عن دمشق مع عدد لا بأس به من المحيطين به…

هناك محاولة لفرض لعبة وهمية اسمها إعادة إعمار سوريا. بعض اللبنانيين يصدّق أن هناك مثل هذه اللعبة ويتحدّث عن ضرورة التعاطي مع النظام السوري وإعطائه شرعية كي تكون هناك حصّة للبنان من “الكعكة السورية”.

من يدفع في اتجاه إرسال وزراء لبنانيين إلى دمشق أو عقد لقاءات مع وزراء سوريين كما حصل بين وزير خارجية النظام وليد المعلّم ووزير الخارجية اللبناني جبران باسيل في نيويورك، يقع في فخّ السقوط في كذبة.

يوجد بكلّ بساطة نظام، ما زال مقيما في دمشق، يبيع الأوهام بترويجه للعبة إعادة الإعمار، وهناك “حزب الله” الذي يسوّق هذه الأوهام في لبنان.

كلّ ما تبقّى تفاصيل وبهلوانيات لا تنطلي إلّا على أولئك الذين يعتقدون أن شيئا لم يتغيّر في سوريا، لا منذ انسحابها من لبنان عسكريا في نيسان-أبريل 2005 ولا منذ بدء الثورة الشعبية في آذار-مارس من العام 2011…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن كذبة إعادة إعمار سوريا عن كذبة إعادة إعمار سوريا



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 12:22 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "مصر للطيران" تستعد لاستقبال 33 طائرة جديدة

GMT 08:59 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

"شيوكو" أصغر الجزر الرئيسية الأربع في اليابان

GMT 00:19 2020 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

نفيديا تُعلن عن أول شاشة 360Hz

GMT 17:16 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

البرازيلي أليسون أفضل حارس في استفتاء الكرة الذهبية 2019

GMT 02:01 2019 الأحد ,03 آذار/ مارس

ديكورات غرف نوم أبناء النجمات

GMT 15:14 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

أنباء عن زيارة الملك محمد السادس لمراكش الثلاثاء

GMT 18:54 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعرّف على المُخدر الذي استخدمه راقي بركان للايقاع بضحاياه

GMT 14:29 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على أجمل ديكورات الجبس للمجالس داخل منزلك

GMT 04:16 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أم تستفيق بين أحضان طفلها بعد 23 يومًا من الغيبوبة

GMT 09:08 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

5000 بحيرة في النمسا تتقاسم الجمال الطبيعي والسُياح
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya