حق تقرير المصير للجزائريين

حق تقرير المصير.. للجزائريين

المغرب اليوم -

حق تقرير المصير للجزائريين

بقلم - خيرالله خيرالله

منذ إعلان الاستقلال، اهتمّ النظام الجزائري بكل شيء باستثناء الجزائريين. حرم المواطن الجزائري، أوّل ما حرمه، من حقّ تقرير المصير.
متى يحصل الشعب الجزائري على حقّ تقرير المصير؟ هناك حاليا من يقرّر عنه. هناك من لا يزال يحتاج إلى سنة، أو هكذا يظنّ، كي يعقد صفقة ما مع شخص ما تؤدي إلى توفير ضمانات لمجموعة من الأشخاص تورطوا في مسائل غير قانونية في السنوات العشرين من عهد عبدالعزيز بوتفليقة. لو لم يكن الأمر كذلك، لماذا ذلك الإصرار على ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة على الرغم من عجزه عن الكلام ولا حتّى عن السلام.

من رشّح بوتفليقة ليكون رئيسا لسنة واحدة يجري خلالها كل الإصلاحات المطلوبة التي فشل في إجرائها منذ توليه الرئاسة في العام 1999 عندما كان لا يزال يتمتع بصحّته وكامل قواه العقلية، ولماذا هذا الإصرار على الترشيح؟

عندما استقلّت الجزائر في العام 1962، كانت هناك فرصة كي يحصل الجزائريون على حقّ تقرير المصير، فإذا على رأس البلد شخص لا يمتلك الحدّ الأدنى من حسّ المسؤولية السياسية اسمه أحمد بن بلّة. كان الهدف من وضع بن بلّة في موقع رئيس الجمهورية استبعاد القادة التاريخيين للثورة الجزائرية من أمثال محمد بوضياف أو يوسف بن خدّة وغيرهما. لم يكن بن بلّة سوى سياسي هاو لا يعرف شيئا عن بناء الدول الحديثة، ولا عن كيفية إيجاد مكان للجزائر بين دول العالم الثالث القادرة على التعاطي مع الواقع بدل الاكتفاء بإطلاق الشعارات البراقة والفارغة.

ما لبث أن أخذ العسكر الأمور بأيديهم ونفّذوا انقلابا على بن بلّة الذي لم يكن لديه ما يقاوم به جماعة وجدة (مدينة مغربية)، التي كان على رأسها هواري بومدين. أقام بومدين في العام 1965 نظاما أمنيا ما زال يتحكّم بالجزائريين إلى يومنا هذا. حرم هذا النظام الجزائريين من كلّ حقوقهم، بما في ذلك حقّ تقرير المصير.

منذ اليوم الأول للاستقلال نادى النظام الجزائري بحقّ تقرير المصير للشعوب. جعل من هذا الشعار غطاء لكلّ سياساته الخارجية، خصوصا منذ إزاحة بومدين لبن بلّة وتولي عبدالعزيز بوتفليقة، الذي ينتمي بدوره إلى مجموعة وجدة، وزارة الخارجية طوال 14 عاما.

في السنوات التي امتدت منذ الاستقلال، عملت الجزائر، أو هكذا ادّعت، من أجل تمكين الشعوب من ممارسة حقّ تقرير المصير والتخلّص من الاستعمار. المضحك-المبكي في الأمر أن حقّ تقرير المصير للشعب كان هدفا جزائريا، أقلّه ظاهرا، في كلّ مكان باستثناء الجزائر. كان شعار حق تقرير المصير للشعوب صالحا لكل الحروب السياسية التي خاضتها الجزائر من أجل تأكيد أنّها قوة عظمى في أفريقيا والعالم العربي.

زايدت الجزائر فلسطينيا من أجل إحراج مصر، بدل أن تدفع في اتجاه الواقعية والمساعدة في إيجاد تسوية سياسية في المنطقة. انضمّت إلى “جبهة الصمود والتصدّي” عندما ذهب أنور السادات إلى القدس. كان الأجدر بها وقتذاك أن تتخلّى عن السياسات العقيمة لمعمّر القذافي وحليفه حافظ الأسد، بدل أن تنجرّ إلى تلك السياسات التي خرّبت المنطقة كلّها وما لبثت أن ارتدّتْ على ليبيا وسوريا.

لا يزال النظام الجزائري للأسف الشديد، يدعم إلى يومنا هذا نظام البراميل المتفجّرة والأسلحة الكيميائية في الحرب التي يشنّها بشّار الأسد على شعبه. لا يخجل النظام الجزائري من دعم نظام يحارب شعبه منذ ثماني سنوات مستعينا بميليشيات مذهبية تابعة لإيران وسلاح الجوّ الروسي الذي لا يفرّق بين هدف عسكري ومستشفى ومدرسة!

عندما استعاد المغرب صحراءه في العام 1975، بعد انسحاب الاستعمار الإسباني منها، لعبت الجزائر دورا في قيام أداة اسمها جبهة “بوليساريو” وذلك تحت شعار “حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره”. اختارت زعيما لهذا الشعب شخصا اسمه محمد عبدالعزيز، توفّى قبل سنوات قليلة، وجعلت منه “رئيسا” لجمهورية فضائية أسمتْها “الجمهورية الصحراوية”. لم يدر في خلد أي مسؤول جزائري أن محمد عبدالعزيز كان ضابط صفّ خدم في الجيش المغربي وأن الصحراويين موجودون على طول الشريط الممتد من موريتانيا إلى ساحل البحر الأحمر، مرورا بجنوب الجزائر.

لو كانت الجزائر حريصة فعلا على حق تقرير المصير للصحراويين، لماذا لم تنشئ لهم جمهورية في الأراضي الجزائرية حيث يوجد عدد كبير منهم؟ في الواقع لم يكن من همّ للنظام الجزائري في يوم من الأيّام سوى الإساءة إلى المغرب وشن حرب استنزاف بالواسطة عليه بغية تعطيل برامج التنمية في المملكة.

منذ إعلان الاستقلال، اهتمّ النظام الجزائري بكل شيء باستثناء الجزائريين. حرم المواطن الجزائري، أوّل ما حرمه، من حقّ تقرير المصير. لا يزال الجزائري يبحث إلى اليوم عن حقّ تقرير المصير، مثلما كان يبحث عن أجبان أو فواكه أو بيض في عهد هواري بومدين، الذي اعتبر نفسه زعيم العالم الثالث!

لعلّ أفضل تعبير عن كيفية حرمان الجزائريين من حقّ تقرير المصير ما ورد في مذكرات الجنرال خالد نزار وزير الدفاع السابق الذي لعب دورا أساسيا في الجزائر في تسعينات القرن الماضي، كما كان شاهدا على كيفية وصول الشاذلي بن جديد إلى رئاسة الجمهورية مطلع العام 1979 على حساب عبدالعزيز بوتفليقة ومحمد صالح اليحياوي.

يروي خالد نزار أنّ الكولونيل قاصدي مرباح الذي كان مسؤولا عن الأمن العسكري فرض الشاذلي بن جديد، قائد المنطقة العسكرية الثانية رئيسا للجمهورية. أوضح أنّ خلافا حصل بين بوتفليقة ومرباح في عهد هواري بومدين، بعدما رفض الأوّل أن يلتحق ضباط من الأمن العسكري بالسفارات الجزائرية كي يعملوا من خلالها. حسم بومدين الخلاف لمصلحة وزير الخارجية. جعل ذلك مرباح يحقد على بوتفليقة وما لبث أن عمل على تصفية حسابه معه عند وفاة بومدين آخر 1978 وانصراف القيادات الحزبية والعسكرية إلى اختيار خليفة له. اتّهم مرباح، الذي قتل في العام 1993 مع ابنه في ظروف غامضة، بوتفليقة بأنّه يريد “ضرب وحدة الجيش” وأن الحاجة إلى شخص مثل الشاذلي بن جديد لمنعه من ذلك.

المهمّ أن رواية خالد نزار التي لا يمكن الشكّ في صحّتها، في ضوء النفوذ الذي كان يمتلكه قاصدي مرباح الذي تجمعت لديه ملفات كلّ الضباط الكبار والسياسيين النافذين، تعطي فكرة عن حرمان الجزائريين من حقّ تقرير المصير. ألقى نزار الضوء على كيفية فرض ضابط كبير مثل قاصدي مرباح الشاذلي بن جديد رئيسا على الجزائريين متسلّحا بالملفات التي يمتلكها.

إلى متى سيصبر الجزائريون على المجموعة التي حرمتهم من حق تقرير المصير، هذه المجموعة التي تاجرت بهذا الحقّ في كلّ أنحاء أفريقيا والعالم العربي من منطلق أنّه من مبادئ الثورة الجزائرية على الاستعمار الفرنسي؟ بكلّ صراحة وتواضع، آن أوان أن يمارس الجزائريون حقّ تقرير المصير. هذا شعار سمعوا عنه الكثير منذ الاستقلال ولم يتعرّفوا إليه عن كثب بعد…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حق تقرير المصير للجزائريين حق تقرير المصير للجزائريين



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 12:22 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "مصر للطيران" تستعد لاستقبال 33 طائرة جديدة

GMT 08:59 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

"شيوكو" أصغر الجزر الرئيسية الأربع في اليابان

GMT 00:19 2020 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

نفيديا تُعلن عن أول شاشة 360Hz

GMT 17:16 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

البرازيلي أليسون أفضل حارس في استفتاء الكرة الذهبية 2019

GMT 02:01 2019 الأحد ,03 آذار/ مارس

ديكورات غرف نوم أبناء النجمات

GMT 15:14 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

أنباء عن زيارة الملك محمد السادس لمراكش الثلاثاء

GMT 18:54 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعرّف على المُخدر الذي استخدمه راقي بركان للايقاع بضحاياه

GMT 14:29 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على أجمل ديكورات الجبس للمجالس داخل منزلك

GMT 04:16 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أم تستفيق بين أحضان طفلها بعد 23 يومًا من الغيبوبة

GMT 09:08 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

5000 بحيرة في النمسا تتقاسم الجمال الطبيعي والسُياح
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya