سلاح غير شرعي… وسياسة واقتصاد

سلاح غير شرعي… وسياسة واقتصاد

المغرب اليوم -

سلاح غير شرعي… وسياسة واقتصاد

بقلم - خيرالله خيرالله

السلاح غير الشرعي يمكن أن يؤدي الكثير من الخدمات لأطراف مختلفة، بما في ذلك إسرائيل، لكنه لا يمكن أن يؤدي أي خدمة للبنان باستثناء عرقلة أي تقدم يمكن أن يحصل على أي صعيد كان.

ماذا تنفع لبنان كل دراسات العالم من أجل تحديد أفضل الطرق والوسائل للنهوض باقتصاده ما دامت هناك ميليشيا مذهبية اسمها “حزب الله” تابعة لـ“الحرس الثوري” الإيراني تعرقل كل خطوة يمكن أن تساهم في تحقيق أي تقدم على أي صعيد كان.

لا يحتاج لبنان إلى دراسات جديدة ما دام الداء معروف والدواء معروف أكثر، بدءا بحصر كل سلاح في يد الشرعية اللبنانية ممثلة بالمؤسسة العسكرية وقوى الأمن والأجهزة التابعة للدولة وليس أي جهة أخرى. كل ما عدا ذلك إضاعة للوقت وصرف الجهود والطاقات في مكان لا حاجة إلى أن تصرف فيه. فما الذي منع إلى الآن تنفيذ مقررات مؤتمر باريس – 1 وباريس – 2 التي تستهدف إصلاح الوضع الاقتصادي؟

لا شكّ أن وجود نية حقيقية في إجراء إصلاحات اقتصادية، استنادا إلى باريس – 1 وباريس – 2، يشكل خطوة أولى نحو النهوض حقا بالاقتصاد، ووقف نزيف هجرة الشباب المتعلم الباحث عن مستقبل له خارج الأراضي اللبنانية. وجود مثل هذه النية واستيعاب مدى خطورة سلاح “حزب الله” غير الشرعي، هما الطريق الأقصر إلى استعادة لبنان صحته وعافيته، أقله اقتصاديا. بعد ذلك، تصبح كل الدراسات موضع ترحيب، خصوصا أن الصيغة السحرية لإعادة الحياة إلى لبنان أكثر من معروفة. تقوم هذه الصيغة على ترك الحكومة ذات القاعدة الواسعة تعمل بعيدا عن سطوة السلاح غير الشرعي الذي يخدم المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة ولا شيء آخر غير ذلك.

ما الذي جعل الاقتصاد اللبناني يبحث مجددا عن هوية له في حين أنّ هذه الهويّة موجودة وهي ساعدت لبنان على أن يكون دولة متقدّمة ومزدهرة في المنطقة، إلى أن جاء اليوم الذي ارتكبت فيه ما يمكن اعتباره أكبر جريمة في حقّ الوطن الصغير. اسم تلك الجريمة اتفاق القاهرة الذي وقّع في العام 1969 بعد تعرض لبنان لضغوط عربية وفي غياب الوعي لدى كثيرين من زعمائه، خصوصا بعض الزعماء السنّة، لمعنى السماح للمنظمات الفلسطينية المسلّحة باستخدام جزء من أراضيه في شنّ هجمات على إسرائيل.


فقد لبنان سيادته في ذلك اليوم المشؤوم حين رعى جمال عبدالناصر توقيع اتفاق القاهرة بين ياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية من جهة، والعماد إميل بستاني قائد الجيش اللبناني وقتذاك من جهة أخرى. كان بستاني يعتقد أن توقيعه اتفاق القاهرة بغطاء من جمال عبدالناصر سيوصله إلى رئاسة الجمهورية. لم يتغيّر شيء في لبنان، خصوصا لجهة استعداد بعض الموارنة لكلّ شيء وأيّ شيء من أجل الوصول إلى رئاسة الجمهورية.

في كلّ الأحوال، إذا كان من درس يفترض في لبنان تعلمه من نصف قرن من التجارب التي مرّ فيها، فإن هذا الدرس يتمثل في ضرورة وجود رغبة حقيقية في إجراء إصلاحات، وأن مثل هذه الإصلاحات لا يمكن أن تجد طريقها إلى التنفيذ في غياب دولة قوية بعيدا عن أي سلاح غير شرعي استخدم مرارا في تعطيل الحياة السياسية ومنع أي عودة للبنان إلى محيطه العربي.

ورث السلاح الإيراني السلاح الفلسطيني في لبنان. هذا ما يفترض أن يعيه كلّ لبناني وكلّ باحث عن تطوير الاقتصاد في البلد وتوفير حياة كريمة لأهل البلد وأبنائهم، بدل أن يبقى هؤلاء في بحث مستمرّ عن تأشيرة إلى أي مكان في العالم بحثا عن لقمة العيش.

ليبحث المستنجدون بدراسة اقتصادية من هنا أو هناك عن طريقة لحل أزمة الكهرباء في بلد تتحمّل موازنته ملياري دولار سنويا عجزا بسبب الكهرباء. هناك حلول كثيرة لأزمة الكهرباء التي يعاني منها البلد منذ أيام الوصاية السورية التي كانت تصرّ دائما على أن يكون وزير الكهرباء ينتمي إلى فريق معيّن موال تماما لها.

هناك فرصة أمام لبنان. يُحسن له أن يستغلها لمصلحته. تتمثل هذه الفرصة في رغبة المجتمع الدولي في المحافظة على الاستقرار فيه. لذلك هناك رغبة في استضافة باريس في نيسان – أبريل المقبل مؤتمرا لدعم لبنان. لم يختر الفرنسيون لهذا المؤتمر اسم باريس – 4 أو باريس – 5 اختاروا له اسم “سادر “(cedre)، أي “المؤتمر الاقتصادي للتنمية عن طريق الإصلاحات بمشاركة الشركات”. يشير الاسم إلى تركيز خاص على “الإصلاحات” التي تبدو محور المؤتمر. كلمة “الإصلاحات” هي كلمة السرّ في مؤتمر باريس الجديد. أن يقوم لبنان بالإصلاحات المطلوبة شرط لأي تنمية ولا خيار آخر أمامه.

تحتاج الإصلاحات إلى نية سياسية صادقة تأخذ في الاعتبار وجود خطط للنهوض بالاقتصاد تعتمد على مؤتمرات ودراسات سابقة. كان سلاح “المقاومة” يعمل، في كل مرة، على عرقلة أي تقدّم على الصعيد الوطني وإعادة الحياة إلى لبنان. ففي 1996، على سبيل المثال، كانت الكهرباء عادت إلى لبنان بفضل جهود بذلها رفيق الحريري متجاوزا وزارة الكهرباء ووزراء الكهرباء الذين كان همّهم محصورا بالعمولات التي يتقاسمونها مع شركاء لهم من المسؤولين السوريين. استغلت إسرائيل تحرشات “حزب الله”، وشنت في تلك السنة عملية “عناقيد الغضب” متعمّدة ضرب معامل كهربائية من بينها معمل الجمهور. كانت السنة 1996 بمثابة منعطف على صعيد الكهرباء وأزمتها المستمرّة إلى اليوم.

ليست رغبة المجتمع الدولي في المحافظة على الاستقرار في لبنان كافية. هناك حاجة في لبنان إلى الاقتناع بأن لا جدوى من الدراسات الاقتصادية القديمة والجديدة من دون رغبة جدّية في القيام بالإصلاحات من جهة، وتوفير الأجواء اللازمة للسير في هذه الإصلاحات. لا فائدة من دراسات من دون الأجواء اللازمة، أي من دون حصر للسلاح في يد الدولة اللبنانية ومؤسساتها الشرعية. بكلام أوضح لا إصلاحات بوجود سلاح “حزب الله” الذي لا مصلحة له في قيام الدولة اللبنانية.

مصلحة الحزب الذي يشارك في الحرب على الشعب السوري ويعمل لمصلحة إيران، باعتراف قيادييه، هي في بقاء لبنان “ساحة”. مطلوب أن يكون لبنان ورقة إيرانية لا أكثر تستغل في لعبة لا علاقة له بها من قريب أو بعيد. إنها لعبة إثبات إيران قدرتها على لعب دور القوة الإقليمية المهيمنة. يفرض مثل هذا الدور أن لا يعود لبنان بلدا عربيا، وأن يتخلى عن عمقه العربي وعن وجود حدود وطنية له مع سوريا.

تلك هي شروط اللعبة الإيرانية التي لا يمكن أن تسمح للبنان العربي بأن يزدهر. فمن ينشر البؤس في بلده، وهذا ما كشفته التظاهرات الأخيرة التي شملت نحو ستين مدينة وبلدة إيرانية، لن يتوقف عند الأسباب الحقيقية لمشاكل لبنان، في مقدمتها السلاح غير الشرعي الذي كان فلسطينيا وصار إيرانيا.

هذا السلاح غير الشرعي يمكن أن يؤدي الكثير من الخدمات لأطراف مختلفة، بما في ذلك إسرائيل، لكنه لا يمكن أن يؤدي أيّ خدمة للبنان باستثناء عرقلة أيّ تقدّم يمكن أن يحصل على أيّ صعيد كان… إن في السياسة أو في الاقتصاد!

نقلا عن جريدة العرب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلاح غير شرعي… وسياسة واقتصاد سلاح غير شرعي… وسياسة واقتصاد



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 12:22 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "مصر للطيران" تستعد لاستقبال 33 طائرة جديدة

GMT 08:59 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

"شيوكو" أصغر الجزر الرئيسية الأربع في اليابان

GMT 00:19 2020 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

نفيديا تُعلن عن أول شاشة 360Hz

GMT 17:16 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

البرازيلي أليسون أفضل حارس في استفتاء الكرة الذهبية 2019

GMT 02:01 2019 الأحد ,03 آذار/ مارس

ديكورات غرف نوم أبناء النجمات

GMT 15:14 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

أنباء عن زيارة الملك محمد السادس لمراكش الثلاثاء

GMT 18:54 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعرّف على المُخدر الذي استخدمه راقي بركان للايقاع بضحاياه

GMT 14:29 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على أجمل ديكورات الجبس للمجالس داخل منزلك

GMT 04:16 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أم تستفيق بين أحضان طفلها بعد 23 يومًا من الغيبوبة

GMT 09:08 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

5000 بحيرة في النمسا تتقاسم الجمال الطبيعي والسُياح
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya