غزل أوباما لـداعش من الجو

غزل أوباما لـ'داعش'.. من الجو

المغرب اليوم -

غزل أوباما لـداعش من الجو

خير الله خير الله

هل يمكن خوض الحرب العالمية الثالثة من الجو؟ هذا ما يحاول الرئيس باراك أوباما إقناع العالم به. هذا ما أكّده في قمة العشرين التي انعقدت في أنطاليا ـ تركيا مؤخرا. أكّد مجددا أن الولايات المتحدة لا يمكن أن ترسل قوات لمقاتلة “داعش”. هذا يعني بكل بساطة أنّ هناك رغبة في عدم محاربة “داعش” لا أكثر ولا أقلّ.
قبل أيّام قليلة من “غزوة باريس”، يوم الثالث عشر من تشرين الثاني ـ نوفمبر الجاري، تحدّث الملك عبدالله الثاني إلى إحدى المحطات الأوروبية (يورو نيوز). كرّر العاهل الأردني ما سبق أن قاله عن الحرب التي يشنّها المجتمع الدولي على الإرهاب. أكد مجددا أنها “الحرب العالمية الثالثة”. زعماء كثيرون، بينهم الفرنسي فرنسوا هولاند بدأوا يرددون ما قاله عبدالله الثاني قبل فترة طويلة.


كان العاهل الأردني على حقّ. بقي عند موقفه ممّا يدور في العالم وفي المنطقة على الرغم من أنّه يعاني حاليا من مشاكل كبيرة. أبرز هذه المشاكل تلك المرتبطة باللاجئين السوريين، وهو أمر لم يعد الأردن قادرا على تحمّله. هناك مليون وأربعمئة ألف لاجئ سوري في المملكة الهاشمية باتوا يشكلون نسبة عشرين في المئة من السكّان.

ماذا يعني كلام عبدالله الثاني الذي يعمل حاليا على تفادي كارثة تحلّ بالبلد بسبب الوضع الاقتصادي؟ يعني أن هناك واقعا لم يعد في الإمكان تجاهله. يتمثّل هذا الواقع في “أن نسبة عشرة في المئة فقط من اللاجئين السوريين يعيشون في مخيّمات، فيما الباقون موجودون في مختلف القرى والمدن الأردنية”. هؤلاء ينافسون الأردني في سوق العمل، في وقت ثمّة حاجة للأردن إلى ثلاثة مليارات دولار سنويا مساعدات. حصل منها في العام الماضي على نسبة 28 في المئة وهذه السنة على نسبة 35 في المئة فقط. هل من ظلم أكبر من هذا الظلم في وقت تقف بلدان أوروبية غنية عاجزة أمام استقبال بضعة آلاف من السوريين؟

تحذيرات عبدالله الثاني تتجاوز الأردن، البلد الذي يواجه تحدّيات مختلفة والذي لا يمكن القول إنّه تجاوز تداعيات “الربيع العربي” كلّيا. لا يزال الأردن يسعى إلى وضع “الربيع العربي” خلفه. ما يمكن أن يساعده في ذلك الإصرار على الاهتمام بتحسين الاقتصاد ومتابعة الإصلاحات، بدءا باعتماد مزيد من اللامركزية وقانون انتخابي جديد يرضي معظم المواطنين ومتابعة الحملة على الفساد بكلّ أنواعه.

فوق ذلك كلّه، يواجه الأردن تحدي الإصرار الإسرائيلي، الذي يعبّر عنه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، على تشجيع التطرّف. من يتحدّى مشاعر المسلمين تجاه القدس وما يمثّله المسجد الأقصى، إنما يشجع التطرّف. فعندما تُقْدمُ إسرائيل، سلطة الاحتلال، على ما أقدمت عليه في المسجد الأقصى، فهي تعمل كلّ شيء من أجل زيادة شعور الفلسطيني باليأس والإحباط ودفعه إلى العنف.

إن من خلال حديثه إلى “يورو نيوز”، قبل غزوة باريس، ثم خطاب العرش الذي ألقاه في افتتاح دورة مجلس الأمّة بعد يومين من الجريمة التي تعرّضت لها العاصمة الفرنسية، اعتمد العاهل الأردني لهجة تحذيرية.

لا يمكن الاستخفاف بما يصدر عن عبدالله الثاني، خصوصا في الظروف الراهنة. من يعود قليلا إلى الخلف يكتشف أنّه كان أوّل الذين حذروا من الانفجار الكبير في المنطقة ومن حال اللاتوازن والاضطرابات التي تبدو مقبلة عليها. كان ذلك في تشرين الأوّل ـ أكتوبر من العام 2004. وقد أثار وقتذاك مسألة “الهلال الشيعي” في حديث إلى “واشنطن بوست”.

كثيرون لم يفهموا ما الذي يقوله ومغزى كلامه. اعتقدوا أنّه يتحدث من منطلق مذهبي أو طائفي، في حين أنّه كان يقول كلاما سياسيا بسيطا ومنطقيا مرتبطا بالمشروع التوسّعي الإيراني الذي بدأ يتخّذ بعدا جديدا إثر تقديم الولايات المتحدة العراق، في عهد بوش الابن، على صحن من فضّة إلى إيران.

لم تكتف إيران بالسيطرة على العراق. وسّعت نفوذها في سوريا بعدما سيطرت بشكل شبه كلّي على بشّار الأسد. أكثر من ذلك، وضعت يدها على لبنان وباتت تعتبر بيروت بمثابة مدينة إيرانية على البحر المتوسّط. وصل الأمر بالمسؤولين الإيرانيين إلى حدّ تأكيد أن بلدهم يسيطر على أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء وأن عاصمة العراق تحوّلت إلى عاصمة الإمبراطورية الفارسية. هذا الكلام موثّق وصدر عن غير مسؤول إيراني، حتّى لا يقال إنه كلام ذي طابع مزاجي لا يمثّل حقيقة ما يفكّر فيه الإيرانيون وما يعتقدون أنّه صحيح.

يقول عبدالله الثاني الآن إن العالم في حرب عالمية ثالثة وأن على المسلمين أن يبادروا فـ”الأردن سيواصل التصدي لمحاولات تشويه ديننا الحنيف. الحرب على قوى الشرّ والظلم والإرهاب حربنا، لأننا مستهدفون من أعداء الإسلام قبل غيرنا”.

لا ينفي العاهل الأردني مسؤولية المسلمين في مواجهة الإرهاب، ولكن هل يخوض العالم الحرب العالمية الثالثة بشكل جدّي وبكلّ قواه بعد الذي حصل في باريس والذي يشكّل دليلا آخر على أن هذه الحرب، التي تشمل “داعش” تحديدا، لا يمكن أن تُخاضَ من الجو فقط؟

يقاتل الأردن على جبهات عدّة. وضعه الاقتصادي جبهة. ما تقوم به إسرائيل جبهة. اللاجئون السوريون جبهة. الوضع الداخلي السوري حيث النظام يذبح شعبه يوميا بالتحالف مع “داعش” والتواطؤ معها، جبهة.كلّ ما لدى الأردن يتمثّل في توجيه الإنذار تلو الآخر.

في الماضي، قبل اجتياح العراق لقلب نظام كان يجب قلبه، حذّر عبدالله الثاني بوش الابن من النتائج التي يمكن أن تترتب على عملية عسكرية غير مدروسة بعناية في بلد بالغ الأهمّية على الصعيد الإقليمي، مثل العراق.

كان جواب الرئيس الأميركي وقتذاك، أنّ “الله كلّفه بمهمّة” التخلّص من صدّام حسين. من كلّف باراك أوباما مهمّة الاستعجال في الانسحاب من العراق، ثمّ التفرّج على بشّار الأسد يستخدم السلاح الكيميائي والبراميل المتفجّرة ضد شعبه.. ثم مغازلة داعش” من الجوّ، خصوصا بعد “غزوة باريس”؟

الحرب العالمية على الإرهاب لا تخاض من الجوّ ولا بعبارات التنديد بـ”غزوة باريس”. هناك “داعش” وهناك حواضن “داعش” في مقدّمها ممارسات النظام السوري، بل النظام بحدّ ذاته، وهناك القوى المذهبية التي ترسل، بطلب إيراني، ميليشيات إلى سوريا بغية المشاركة في الحرب التي يتعرّض لها شعبها.

أخيرا، هناك الدبّ الروسي الذي يدّعي مقاتلة “داعش”، لكنّه لم يفعل حتّى الآن سوى قصف القوى التي تسعى بالفعل إلى التصدّي لهذا التنظيم الإرهابي ومنع تمدّده…

ما الذي سيفعله العالم؟ هل يقتنع بأنّ الحرب العالمية الثالثة بدأت بالفعل وأنها لا تُخاض لا بالطائرات ولا بالتمنيات؟

قال عبدالله الثاني ابن الحسين، الذي مرّت قبل أيّام الذكرى الثمانين لميلاده، كلمته ومشى. قال ما عليه قوله في عالم بات ينطبق عليه حاليا المثل الفرنسي القائل “لم يعد من شغل للشيطان على هذه الأرض، إذ حل مكانه الإنسان بشكل جيّد!”.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزل أوباما لـداعش من الجو غزل أوباما لـداعش من الجو



GMT 14:23 2020 الأحد ,05 تموز / يوليو

بعض شعر العرب - ٢

GMT 08:03 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

وعادت الحياة «الجديدة»

GMT 07:58 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي

GMT 07:54 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

لى هامش رحلة د. أبوالغار

GMT 07:51 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

«28 مليون قطعة سلاح»

GMT 07:48 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

الفيس.. والكتاب!

GMT 10:48 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

الأطباء ورئيس الوزراء

GMT 10:46 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

وداعًا للشيشة!

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 03:11 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

مواصفات "بي ام دبليو M2 Competition Package" قبل الكشف عنها

GMT 23:11 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

"ملف المغرب 2026 "يحظى بدعم قوي من روسيا وفرنسا

GMT 00:22 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

أتلتيك بيلباو يدعم صفوفه من ريال سوسييداد بضم مارتينيز

GMT 14:33 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

الألوان المضيئة والبراقة موضة 2018

GMT 20:59 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

الفرقة الوطنية تدخل على خط اختلاس مليار و200 مليون سنتيم

GMT 13:58 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

ديون الرجاء في "الفيفا" تبلغ 600 ألف دولار

GMT 06:35 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تستخدم قناة "روسيا اليوم" للتأثير على الشعوب
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya