إيران ما بعد تقرير مولر

إيران ما بعد تقرير مولر

المغرب اليوم -

إيران ما بعد تقرير مولر

بقلم - مصطفى فحص

وأخيراً. خيبة أمل في طهران، فلم يعثر المحقق الأميركي الخاص روبرت مولر، على أدلة مباشرة يدين من خلالها الرئيس الأميركي دونالد ترمب أو فريق عمله بالتواطؤ أو التخابر مع جهات روسية أثناء الحملة الانتخابية، فعلى مدى سنتين راهنت طهران على أن تتسبب نتائج التحقيق بأزمة سياسية داخلية أميركية، تزيد التوتر بين مؤسسات صنع القرار الأميركي والبيت الأبيض من جهة، ومن جهة أخرى تعصف بالاستقرار الداخلي للحزب الجمهوري الذي سيضطر أمام هول الفضيحة المفترضة إلى التراجع حفاظاً على ماء وجه المؤسسة الحزبية التي ستدخل حتماً وفقاً لتقديرات طهران بأزمة عميقة في علاقتها مع النخب الأميركية وصناع الرأي العام الذين يملكون التأثير المباشر على مزاج الناخب الأميركي، الذي كان من المفترض أنه سيتعرض لصدمة معنوية نتيجة لفضيحة كان المحقق مولر سيكشف عنها.
كان من الطبيعي أن تتوقع طهران ارتباكاً أميركياً عاماً في المدة المتبقية لدونالد ترمب في البيت الأبيض، وتطمئن نفسها بأن الرجل الذي أعاد فرض الحصار عليها قد خسر حظوظه بولاية ثانية، وبأن الحزب الجمهوري سيخسر مواقعه داخل مؤسسات الدولة، وهو أمام تهم التواطؤ مع العدو التاريخي للأمة الأميركية، سيخسر حضوره في مراكز صنع القرار لسنوات طويلة، ومن موعد كشف المسألة حتى موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2020 سيكون سيد البيت الأبيض مثقلاً بالاتهامات والمنغصات، وسيكون حزبه منهمكاً فقط بالدفاع عن نفسه، ويخسر البيت الأبيض القدرة على إقناع الأميركيين بجدوى سياساته الدولية، وسيتأهب أصدقاؤها الديمقراطيون إلى الانتقام ممن تنكر لأهم منجزاتهم، خصوصاً الاتفاق النووي معها، حيث تعتبر مؤسسة الحزب الديمقراطي أن قرار ترمب بالخروج من الاتفاق ليس فقط ضربة لمصداقية الولايات المتحدة أمام المجتمع الدولي، بل هي إهانة مقصودة لشخص الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما صاحب هذا الإنجاز، والمطلوب إعادة الاعتبار لقراراته من خلال إعادة الاعتبار للاتفاق.
في طهران ذهبت السكرة وجاءت الفكرة، سقط التقرير من بازار الرهانات وخرج دونالد ترمب وفريقه سالمين دون أي اتهام، والجدير بطهران أن تتعامل مع إعلان براءة ترمب باعتبارها حافزاً جديداً لإدارة البيت الأبيض في الاستمرار بتنفيذ سياساتها، كما أن سلامة النتائج ستنعكس إيجابياً داخل الحزب الجمهوري بعد مرحلة من التردد والقلق حول كيفية التعامل مع نتائج كان المتوقع أن تكون سلبية للتحقيق، وكيفية التجاوز الصعبة مع فكرة اتهام رئيس جمهوري بالخيانة أو التآمر أو التواصل مع عدو أميركا الأول، حيث كان تاريخ الحزب على المحك، وقد يخسر حضوره لسنوات طويلة، لكن الآن بعد تجاوز أزمة الاتهامات، فإن مرحلة إعادة بناء الثقة بين الحزب الجمهوري والرئيس، وبين مؤسسات الدولة الحاكمة، والتقارب في وجهات النظر، وتوحيد المواقف في كثير من القضايا، في مقدمتها إيران التي عليها أن تتعامل الآن بواقعية، وبأن دونالد ترمب سيكمل ولايته الأولى بكامل قوته وعنجهيته، وسيمارس سياساته غير المتوقعة في جميع الاتجاهات التي لا يستطيع أحد تقديرها، لا من خصومه أو أعدائه أو حتى حلفائه، فالرجل القادم من خارج المؤسسة، الذي يرفض الخضوع لشروطها وحساباتها التقليدية، اتخذ خطوات تخالف آراء صناع القرار رغم نصائحهم بأنها تضر بعلاقة واشنطن بحلفائها، وغير متوقعة من جهة الأعداء، فحتى الآن لم تجد موسكو تفسيراً لقرار انسحابه المفاجئ من سوريا، وهو غير مكترث للضرر الذي خلفه قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، وحجم الضرر الذي سببه لما تبقى من عملية السلام، ولم يراع موقف الشعوب العربية المستاءة أصلاً من الانحياز الأميركي العام لإسرائيل. 
وأخيراً وليس آخراً الهدية التي قدمها لرئيس وزراء إسرائيل عشية الانتخابات الإسرائيلية بالاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، في مخالفة واضحة وصريحة لقرارات مجلس الأمن وضرب لشرعية الأمم المتحدة كمؤسسة دولية تُعنى بتنظيم العلاقات الدولية وسلامتها ما بعد الحرب العالمية الثانية.
أمام طهران تحديات صعبة، فالمقيم في البيت الأبيض لن يكون مقيداً في السنتين المقبلتين مع احتمال إعادة انتخابه لفترة رئاسية ثانية، وهو ما يفرض عليها إعادة النظر بمشروع الصبر الاستراتيجي، والتعامل بواقعية مع إدارة أميركية تريد إنهاء ملفات دولية وفقاً لوجهة نظرها غير مكترثة بمواقف المجتمع الدولي وانتقاداته، وهي لا ترى في نفسها إلا روما الألفية الثالثة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران ما بعد تقرير مولر إيران ما بعد تقرير مولر



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 18:14 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 23:59 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مواهب صغيرة تُشارك في الموسم الثاني لـ "the Voice Kids"

GMT 18:15 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيونسيه تسحر الحضور بـ"ذيل الحصان" وفستان رائع

GMT 22:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

جمارك "باب مليلية" تحبط عشر عمليات لتهريب السلع

GMT 02:20 2015 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

أصغر لاجئة في "الزعتري" تجذب أنظار العالم لقسوة معيشته

GMT 01:31 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مريهان حسين تنتظر عرض "السبع بنات" و"الأب الروحي"

GMT 02:54 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر سعيدة بالتمثيل أمام الزعيم عادل إمام

GMT 18:21 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة فوز الوداد.. الرياضة ليست منتجة للفرح فقط

GMT 01:10 2016 الأحد ,10 تموز / يوليو

الألم أسفل البطن أشهر علامات التبويض

GMT 12:16 2014 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

عروض الأفلام القصيرة والسينمائية تتهاوى على بركان الغلا

GMT 02:30 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل الجزر البريطانية لالتقاط صور تظهر روعة الخريف

GMT 13:57 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

"الفتاة في القطار" تتصدر قائمة نيويورك تايمز

GMT 04:56 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار مستحدثة لديكور غرف نوم بدرجات اللون الرمادي
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya