ارهاب شارل ايبدو  ناقوس الخطر الذي دُقّ في أنغولا

ارهاب 'شارل ايبدو' .. ناقوس الخطر الذي دُقّ في أنغولا

المغرب اليوم -

ارهاب شارل ايبدو  ناقوس الخطر الذي دُقّ في أنغولا

أحمد عصيد

وأنا أتابع الأحداث الإرهابية المؤلمة التي عرفتها باريس والتي أودت بحياة العديد من  إعلاميي مجلة "شارلي إبدو" ، حضرني بشكل ملح خبر قرأته قبل أزيد من سنة، مفاده أنه في يوم 24 نوفمبر 2013 شرعت أنغولا البلد الإفريقي في هدم مساجد المسلمين  بحجة عدم وجود تراخيص قانونية لبنائها، غير أن تصريح وزيرة الثقافة في أنغولا آنذاك روزا كروزداسيلفا كان أكثر وضوحا عندما أعلنت أن أنكولا قررت "منع ممارسة شعائر الإسلام على ترابها"، كما أعلنت أن الدولة ترفض تسليم أية رخصة لبناء مسجد بدعوى "أن المسلمين المتشدّدين غير مرغوب فيهم على أراضيها".

قمت بالربط بين الحدث الإرهابي الخطير الذي عرفته باريس وبين ما حدث بأنكولا، وتساءلت عن مستقبل الجالية المسلمة في بلدان العالم، في حالة استمرار  تصاعد المدّ الإرهابي  الذي يحظى بشبكات ضخمة من أموال البترول (البترول العربي الذي فشل في بناء الحضارة فانقلب إلى هدمها).

ففي أنكولا تعيش أقلية مسلمة تعدادها حوالي 100 ألف نسمة، كانت تحظى باحترام الجميع، إلى أن بدأت العربية السعودية قبل حوالي ربع قرن تبعث بمدرسي اللغة العربية وأئمة مساجد مكونين على العقيدة الوهابية، عندئذ بدأ الشعب الأنكولي يلاحظ ظهور تغيرات كبيرة بالتدريج على سلوك المسلمين وعقيدتهم، حيث شرعوا في الانتقال من الديانة السمحة الوسطية التي ورثوها عن آبائهم، إلى اعتناق المظاهر الفلكلورية للوهابية السعودية في اللباس والعادات وفي معاملة الآخرين، وهو ما أجّج مشاعر الكراهية ضدّهم بشكل كبير، وعرّضهم لمخاطر الاضطهاد المرشحة للتزايد مستقبلا.

حَظر الإسلام بصفة رسمية وهدم مساجد المسلمين بقرار من السلطات أو بدعم منها ظاهرة غير مسبوقة، لكنها مرشحة للانتشار مع تزايد تهديد استقرار وأمن العديد من البلدان بسبب التطرف الجهادي الإسلامي، وهو ما قد يضع العالم من جديد أمام محكّ حروب دينية جديدة بعد أن طوت البشرية هذه الصفحة الدامية إلى غير رجعة.

أمامنا المعطيات التالية التي يمكن أن تؤكد المخاوف التي عبرنا عنها: هناك تزايد ملحوظ لمظاهر التشدّد الديني في أوساط الجالية المسلمة وللجهاديين بالدول الغربية بسبب أزمة الهوية المعرقلة للإندماج، وكذا الإغراءات الكثيرة والتي أهمها المال الوفير الذي تغدقه العشائر النفطية بذريعة نشر الإسلام والتبشير به، وهو ما يقابله بشكل آلي تزايد نفوذ اليمين المتطرف المعادي للأجانب وللمسلمين بالدرجة الأولى، وقد أصبحت ألمانيا، أقوى دول الاتحاد الأوروبي، مسرحا أسبوعيا لتظاهرات علنية ضدّ تواجد المسلمين على أراضيها، حتى أن الإحصائيات كشفت عن أن عدد السكان الألمان غير الراغبين في تواجد المسلمين بين ظهرانيهم بلغ 13 في المائة، وهو رقم مُهول، كما تزايدت أصوات اليمين المتطرف بفرنسا من 2 في المائة إلى 19 في المائة، مع العلم أن هذا التيار مرشح لأن يحصد المزيد من الأصوات في الانتخابات القادمة بعد الذي جرى لـ"شارلي إبدو"، وما قد يحدث في أماكن أخرى من فرنسا أو أوروبا، كما أن دول الشمال الأكثر استقرارا ورفاهية مثل السويد عرفت بدورها ظهور سلوكات غريبة من أبناء الجالية المسلمة، تعبر عن كراهية كبيرة لغير المسلمين، وهي سلوكات بدأت تلقى الكثير من الاستهجان والاستنكار من أغلبية السكان.

ومن البديهي القول إن الأمر لا يتعلق هنا بالدين الإسلامي تحديدا، فالجالية المسلمة قضت عقودا طويلة في الدول الغربية دون أن تثير أية قلاقل، لكن الأمر يتعلق بظاهرة جديدة هي الإسلام السياسي الحامل لإيديولوجيا تدعو بشكل صريح إلى العمل على هدم أسس الدول الديمقراطية وتحويلها إلى دول إسلامية عبر التوالد والتكاثر وممارسة كل أنواع الضغوط باستعمال قيم الديمقراطية نفسها، من أجل فرض التوجهات المتشدّدة على مجتمعات بنيت أساسا على فكرة الحرية، ومن أخطر الوسائل المستعلمة الإرهاب المادي والعنف المباشر.

مما لا شك فيه أنّ الجالية المسلمة ستعرف أياما صعبة مقبلة، إذ سيكون من العسير على الأوروبيين التمييز بين الإسلام وبين الإرهاب مع توالي ضربات هذا الأخير، كما أنه لا يكفي القول إن "السلوكات الإرهابية غريبة عن الإسلام"، ما دام الكثير من أبناء الجالية المتدينين يساندون ويباركون هذه الأعمال سواء في نفوسهم أو علانية،  لكن من المؤكد كذلك أن الإرهاب موضة عابرة وغيمة لا بد أن تنقشع، والمطلوب بذل جهود كبيرة من أجل التقليل من الخسائر، بتطويق الظاهرة ومحاصرتها، وتكوين أبناء الجالية على قيم الاندماج الإيجابية والتعايش السلمي وقبول الاختلاف، ومراقبة المساجد وتحييد الدعاة والخطباء المشبوهين والمرتبطين بمراكز الإرهاب، وإقرار قوانين رادعة تسمح بمحاسبة كل من حاول تبرير أو نشر التوجهات الإرهابية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ارهاب شارل ايبدو  ناقوس الخطر الذي دُقّ في أنغولا ارهاب شارل ايبدو  ناقوس الخطر الذي دُقّ في أنغولا



GMT 14:23 2020 الأحد ,05 تموز / يوليو

بعض شعر العرب - ٢

GMT 08:03 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

وعادت الحياة «الجديدة»

GMT 07:58 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي

GMT 07:54 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

لى هامش رحلة د. أبوالغار

GMT 07:51 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

«28 مليون قطعة سلاح»

GMT 07:48 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

الفيس.. والكتاب!

GMT 10:48 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

الأطباء ورئيس الوزراء

GMT 10:46 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

وداعًا للشيشة!

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:14 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 23:59 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مواهب صغيرة تُشارك في الموسم الثاني لـ "the Voice Kids"

GMT 18:15 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيونسيه تسحر الحضور بـ"ذيل الحصان" وفستان رائع

GMT 22:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

جمارك "باب مليلية" تحبط عشر عمليات لتهريب السلع

GMT 02:20 2015 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

أصغر لاجئة في "الزعتري" تجذب أنظار العالم لقسوة معيشته

GMT 01:31 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مريهان حسين تنتظر عرض "السبع بنات" و"الأب الروحي"

GMT 02:54 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر سعيدة بالتمثيل أمام الزعيم عادل إمام

GMT 18:21 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة فوز الوداد.. الرياضة ليست منتجة للفرح فقط
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya