“طفّرناه بكري”

“طفّرناه بكري”!

المغرب اليوم -

“طفّرناه بكري”

بقلم : جمال بودومة

بالموازاة مع دخول “الشاب إيمانويل” قصر الإيليزي، هناك نقاش طريف هذه الأيام في فرنسا: ماذا نفعل بالرؤساء السابقين؟ أربعة متقاعدين والخامس في الطريق، والكلفة مرتفعة: خمسة عشر ألف أورو في الراتب الشهري، ومجموعة من الامتيازات، على رأسها بيت وحرس وطباخون ومساعدون وسيارة بسائقين وتعويضات عن حفلات الاستقبال وتذاكر سفر في الدرجة الأولى مدى الحياة… ما يناهز عشرة ملايين أورو في السنة، تخرج من جيوب دافع الضرائب، كي يحس الرئيس السابق أن هناك حياة بعد قصر الإيليزي. عندما قننت هذه الامتيازات عام 1985 بمبادرة من رئيس الوزراء لوران فابيوس، وقتها، كان هناك رئيس واحد بلا عمل، هو ڤاليري جيسكار ديستان، الذي أحاله ميتران على التقاعد المبكر في انتخابات 1981، ولا أحد كان يتوقع أن الجمهورية الخامسة  ستحيل أربعة رؤساء على التقاعد، ثلاثة منهم بعد ولاية واحدة، واثنان، ما شاء الله، ينضحان بالحياة ويبدلان النساء، كما تستبدل الجوارب، والأرجح أن تقاعد ساركوزي وهولاند سيطول، مثل جيسكار ديستان، الذي يتمرغ في بحبوحة الريع منذ ستة وثلاثين سنة… “ملي كان إيمانويل ماكرون مازال فالخروق”!

تحت ضغط الانتقادات، أصدر فرانسوا هولاند العام الماضي قانونا يقلص من هذه الامتيازات، من خلال تخفيض الخدمات بعد خمس سنوات من التقاعد، وهناك نقاش مفتوح في وسائل الإعلام الفرنسية، حيث يطالب البعض بشطب الامتيازات الممنوحة لرؤساء الدولة، أو ربطها بتولي الرئيس المنتهية ولايته لمهام رسمية، مثل مفاوض دولي أو ممثل لبلاده في بعض المحافل. لا ننسى أننا في بلد الحرية والإخاء والمساواة، والثورة الفرنسية قامت ضد الريع والامتيازات!

طبعا، لا مكان لمثل هذه النقاشات في بلاد “خدام الدولة”. فرغم أننا لا نتوفر على رؤساء سابقين، لكن عندنا ما لا يعد من الامتيازات والرخص وأموال تصرف دون حسيب او رقيب. لكن التلفزيون بكل قنواته خارج التغطية، متخصص في “الدعاية” للسياسات الرسمية و”قليان السم” للجزائر، وبقية وسائل الإعلام بالكاد تستطيع أن تتحدث عن رواتب الوزراء وامتيازات البرلمانيين وفيلات “خدام الدولة”، دون أن تغير شيئا في الواقع. أما ما يتقاضاه الأمراء ورئيس الدولة وميزانية القصر فخط أحمر. هذه أشياء لا تناقش، لا في الصحافة ولا في المجلس الحكومي ولا تحت قبة البرلمان، وإذا تجرأت جريدة على الخوض في الموضوع يتم تأديبها، عن طريق محاكمات مفبركة وإغلاق صنبور الإعلانات، رغم أنها ميزانية تخرج من جيوب دافعي الضرائب في النهاية، والمنطق الديمقراطي يقتضي أن تخضع للنقاش، لأن مزيدا من الشفافية لن يساهم إلا في تقوية المؤسسات وتعزيز الثقة بين المواطن وحكامه وتحصين المكتسبات الديمقراطية. المشكل أننا نتراجع للخلف بدل التقدم إلى الأمام. إذ بدل أن يتوسع النقاش، تزداد المحرمات. حتى “الملكية البرلمانية”، التي خرجت الحشود من أجلها قبل ست سنوات وكانت مطلبا ثابتا لدى ما كان يسمى بـ”الأحزاب الوطنية”، أصبحت اليوم “خطا أحمر”. الندوة الدولية، التي كانت جمعية “طفرة” تنوي تنظيمها الأحد الماضي، من أجل استعراض تجارب “الملكية البرلمانية” في عدد من دول العالم، تعرضت للمنع. لم تكتف السلطات بمصادرة القاعة التي كان يفترض أن تحتضن الندوة في “معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة”، بل حاصرت مقر منظمة “أنريش پول” الألمانية، التي استقبلت المشاركين في آخر لحظة، ومنعتهم من أن يشرحوا للحضور كيف انتقلت الدول الإسكندنافية والأوروبية من ملكيات تنفيذية إلى ملكيات برلمانية. واضح أن “الطفرة” التي اعتقدنا أنها حدثت في 2011 كانت مجرد وهم… “ويلا بقينا هاكّا، طفرناه بكري”

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

“طفّرناه بكري” “طفّرناه بكري”



GMT 16:20 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

سعيد في المدرسة

GMT 11:52 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

تيفيناغ ليس قرآنا!

GMT 14:26 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

«بيعة» و «شرية» !

GMT 05:27 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

«لا يُمْكن»!

GMT 03:32 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 00:05 2016 الجمعة ,29 إبريل / نيسان

20 آذار / مارس - 19 نيسان / أبريل

GMT 07:03 2015 الثلاثاء ,04 آب / أغسطس

الإعلامية سالي مطر تنضم إلي فيلم "نعمة"

GMT 01:03 2017 السبت ,28 كانون الثاني / يناير

مادلين مطر تحرص على اختيار الأغاني بعناية شديدة

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:51 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

راتب ضخم للعجلاني لتدريب أولمبيك خريبكة
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya