مشاجرة دوار المدينة وغياب معاني التسامح

مشاجرة دوار المدينة وغياب معاني التسامح

المغرب اليوم -

مشاجرة دوار المدينة وغياب معاني التسامح

بقلم - أسامة الرنتيسي

مشهد العنف البشع والمشاجرة الغريبة على دوار المدينة الرياضية، الأحد، واعتلاء شباب زعران سيارة خاصة لمواطن تبين انه محامي يرافقه صديق بعد خلاف مع سائق باص وتكسير السيارة بشكل همجي يدفعنا إلى التساؤل، ماذا يحدث في بلدنا؟.

الفيديو المصور للمشاجرة انتشر مثل النار في الهشيم، في إستغراب شديد وسؤال مؤلم: هل هذا يحدث في شوارعنا وأمام أعيننا ويكتفي بعضنا بمهمة التصوير وتوثيق اللحظة.

لنوسع الزاوية أكثر؛ ما ينقصنا في منظومة الأخلاق العامة هذه الأيام فقدان معاني التسامح، وغياب ثقافة الصبر، وهما القيمتان الأساسيتان في الحياة، فمن يتقنهما ويتقن التعامل بهما يعرف جيدا أين يضع قدميه، ويعرف مآلات قراراته.

التسامح وثقافة الصبر، يمنحان صاحبهما مساحة من الطمأنينة، كما يمنحانه فرصة إغاظة أعدائه،  فيحارون في أمره، وأمر قراراته، ومسار حياته.

بعد انتشار ظاهرة العنف والتطرف في معظم مجتمعاتنا العربية، باتت ثقافة التسامح إحدى أهم الضرورات الإنسانية والأخلاقية في الواقع المعاصر، وهي الوحيدة التي تجعل الإنسان قادرا على تجاوز محن   القتل والتدمير  وويلات الإرهاب.

 الأزمات التي تحيطنا، لا يمكن أن نجد مخرجا لها إلا من خلال شيوع ثقافة التسامح، ففي سورية لن تتوقف دوامة العنف والقتل إلا بوصول  طرفي الصراع إلى لحظة الحقيقة بوجوب تسامح بعضهم بعضا، وجلوسهم حول طاولة الحوار لتثبيت ميثاق أخلاق جديد يحكم العلاقة بين الطرفين.

لعلها فرصة تاريخية لن تتكرر على الجميع التقاطها من خلال إدامة رسالة السلام والمحبة التي يطالب بها حماة الإنسانية جميعهم لوقف النزاعات والحروب والاقتتال والحد من معاناة الناس المتفاقمة.

رسالة التسامح لا تكون على حساب حقوق الناس الأصلية في الحياة الآمنة المستقرة، والعيش المشترك. ولا يُعبّر التسامح بأي شكل من الأشكال عن حالة ضعف بل لحظة قوة نادرة، ولا يزال مشهد الأم الإيرانية التي قررت في لحظة تنفيذ حكم الإعدام في قاتل ابنها الاقتراب منه، وصفعه على وجهه والاكتفاء بذلك، والسماح عنه مسيطرا على عقول من رأى هذا المشهد، متعجبا من القوة التي تتمتع بها تلك الأم العظيمة، بالتحكم بمشاعرها وكظم غيظها.

 إن انتشار لغة العنف يؤدي الى إلغاء الآخر، أما لغة التسامح فهي تكرس حقيقة الاعتراف بالآخر، كما أنّ الشخص المتسامح يكون أكثر انتاجية وأكثر طاقة لأنّه يرفض التصرفات الهوجاء أو التفكير بالانتقام، وإذا كان التسامح يعترف برفض ثقافة العنف فإنّه يفتح المجال لفهم آراء الآخر ين، لا بل يؤثر فيها وفق أسس عقلانية.

بعض الأنظمة الحاكمة يسجل في تقويمها أنها أنظمة متسامحة مع معارضيها، وليست دموية، ولا حقودة، وهذا يمنح مواطني تلك الدول تكريس ثقافة التسامح في مجمل حياتهم اليومية.

الدايم الله……

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشاجرة دوار المدينة وغياب معاني التسامح مشاجرة دوار المدينة وغياب معاني التسامح



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 19:47 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

كلوب - تراوري لا يُصدَق- أحيانا لا يمكن إيقافه

GMT 16:19 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

كيف تفهم نفسك

GMT 09:47 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

فوز كبير للمنتخب المغربي على نظيره التونسي

GMT 19:25 2019 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

مكاسب معنوية ومادية خلال الشهر

GMT 23:59 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

معلول يؤكد أهمية فوز المنتخب التونسي على بنما
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya