كوة صغيرة في جدار سميك

كوة صغيرة في جدار سميك

المغرب اليوم -

كوة صغيرة في جدار سميك

بقلم - لمرابط مبارك

للوهلة الأولى، قد تبدو الضجة التي أثارها سماح نظام السعودية المتشدد للمرأة بقيادة السيارة، مبالغا فيها بالنسبة إلى من تعودن في بلدان أخرى على الضغط على زر المفتاح وفتح باب السيارة، ثم الانطلاق بها بما يشبه اللا مبالاة. فلا شيء حقا يستحق الانتباه في نشاط صار روتينيا لدى  بنات حواء العالم بأسره، ما عدا طبعا بالنسبة إلى اللواتي أراد لهن حظهن العاثر أن يعشن في مناطق تسيطر عليها داعش أو طالبان، أو أنظمة متشددة مثل السعودية.

بل قد يكون الأمر باعثا على الأسى والإحباط بالنسبة إلى كثيرين آخرين، فإحداث كل هذه الصخب الإعلامي فقط، لأن النساء في السعودية بات من حقهن الإمساك بمقود سيارة دون الخوف من التعرض للعقاب، يكشف حقا درجة تأخر هذا المجتمع السعودي وكل المجتمعات الإسلامية، رغم كل مظاهر العصرنة الزجاجية الباردة التي ليست في نهاية المطاف سوى خدعة بصرية.

والواقع أن ما حدث يعتبر فعلا “ثورة”، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار طبيعة الحكم الديني في السعودية، وكذلك النظرة إلى المرأة هناك، وفي كل أرجاء هذا العالم الإسلامي والعربي الممتد من هناك إلى هناك.

فالسياقة ليست مجرد نشاط مجتمعي روتيني، بل هي تؤشر على:

أولا، الاستقلالية، في ظل مجتمع ذكوري يقوم على عقيدة (بمعنى DOCTRINE) تعتبر المرأة كائنا قاصرا من المهد إلى اللحد، وكائنا ناقصا لا يكتمل بوجوده سوى في ظل الذكر.

ثانيا، التحرر ولو نسبيا، في ظل مجتمع يعتقل المرأة في سجون متعددة ومتراكبة، تبتدئ من العباءة السوداء (قسرا)، ولا تنتهي عند جدران البيت.

ثالثا، “امتلاك الخارج” الذي كان وما يزال – بشكل أو بآخر- حكرا على الذكر ومحرما عليها، ولا يجوز لها “الانتقال” إليه إلا مدثرة بالسواد أو بظل ذكر ومحفوفة بـ”إذنه/ ترخيصه”.

رابعا، الانتقال من التبعية إلى القيادة. فالمرأة مازالت مجرد تابع للذكر، لا يحق لها القيام بأي شيء دون إذنه، ورضاه.

إن السماح للمرأة بالجلوس وراء مقود السيارة في مجتمع محافظ جدا، في عمقه وإن بدا “عصريا” في مظهره، يعد حقا خطوة صغيرة، ولكن مهمة، على الدرب الوعر والمضني والطويل المفضي، بعد زمن طويل، إلى “بعض” من الحداثة بمعناه العميق.. الحداثة التي يتحول فيها الفرد إلى المقدس الوحيد والأساسي، وليس الدين وتأويلات الدين، وليس التقاليد وكل ما يتوارث عن التقاليد.

إنها كوة صغيرة في جدار سميك غير مرئي تحتاج إلى كثير من المعاول لتوسيعها قدر الإمكان، أما هدم الجدار نفسه، فيحتاج إلى….

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كوة صغيرة في جدار سميك كوة صغيرة في جدار سميك



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 18:14 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 23:59 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مواهب صغيرة تُشارك في الموسم الثاني لـ "the Voice Kids"

GMT 18:15 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيونسيه تسحر الحضور بـ"ذيل الحصان" وفستان رائع

GMT 22:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

جمارك "باب مليلية" تحبط عشر عمليات لتهريب السلع

GMT 02:20 2015 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

أصغر لاجئة في "الزعتري" تجذب أنظار العالم لقسوة معيشته

GMT 01:31 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مريهان حسين تنتظر عرض "السبع بنات" و"الأب الروحي"

GMT 02:54 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر سعيدة بالتمثيل أمام الزعيم عادل إمام

GMT 18:21 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة فوز الوداد.. الرياضة ليست منتجة للفرح فقط

GMT 01:10 2016 الأحد ,10 تموز / يوليو

الألم أسفل البطن أشهر علامات التبويض

GMT 12:16 2014 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

عروض الأفلام القصيرة والسينمائية تتهاوى على بركان الغلا

GMT 02:30 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل الجزر البريطانية لالتقاط صور تظهر روعة الخريف

GMT 13:57 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

"الفتاة في القطار" تتصدر قائمة نيويورك تايمز

GMT 04:56 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار مستحدثة لديكور غرف نوم بدرجات اللون الرمادي
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya