الجسد المربك

الجسد المربك

المغرب اليوم -

الجسد المربك

بقلم - لمرابط مبارك

لم أستسغ بالمرة قرار ثانوية محمد الخامس بمكناس طرد تلك التلميذة المراهقة لأنها لم تستطع أن تقاوم – أو بتعبير أدق لم تتم تنشئتها لتكون قادرة على مقاومة – ذاك الصوت الملح في الدم.
هذه الحادثة، التي نعرف جميعا أن كثيرا من مثيلاتها تحدث يوميا في الممرات الخلفية للإعداديات والثانويات، تكشف في العمق عن العلاقة الملتبسة التي يربطها الكائن المغربي بجسده، وعدم قدرته على التعامل مع الجسد في ظل التيه الذي يتأرجح فيه بين صوت هذا الجسد الذي لا يكف عن الصراخ من جهة، والقيم المجتمعة التي تضبط العلاقة بين الذكور والإناث من جهة ثانية.. بين الرغبة المشتعلة في الخلايا من ناحية، وضوابط المجتمع والدين وقوانينهما الصارمة من ناحية ثانية.. بين تلك اللهفة الجامعة تجاه الآخر، (خصوصا في تلك السن التي يكتشف فيها الجسد أن له حياة أخرى منفلتة) من جانب، والحيرة في كيفية التعامل مع هذا الجموح من جانب آخر.
لست بتاتا مع فكرة تحويل المؤسسات التعليمية (بالخصوص هنا الإعداديات والثانوية وحتى الكليات)، إلى أماكن تعيش حريات مطلقة. لاشك أن هذه الفضاءات يتعين أن تخضع لمجموعة من الضوابط التي ترسم لمرتاديها خارطة الطريقة التي يتعين اتباعها، وأن الخروج عنها يسفر بالضرورة عن جزاءات مناسبة. ولا يجب أن تتضمن قائمة الجزاءات عقوبة الطرد إلا في الحالات الاستثنائية في خطورتها، ولا أظن أن عدم قدرة مراهقين على مقاومة ذلك الصوت الصارخ في ثنايا جسد ملتهب يدخل ضمن هذه الحالات، وأن هذا الجسد يعيش منذ خروجه إلى الحياة مسيجا بالعديد من الإكراهات، ويحيا محاطا بغير قليل من التوجس وبكثير من التهم، خاصة إن كان أنثى: فهو مسكون بشيطان الغواية ويجب “سجنه” والتعامل معه باحتراز شديد.. وهو في الآن ذاته (يا للمفارقة)، لا يصلح سوى للتنفيس عن رغبات الذكر وتأكيد فحولته).
إن علاقة الكائن المغربي بالجسد (وبالخصوص الأنثوي)- وهي علاقة ملتبسة ومرتبكة ومربكة في الآن ذاته – أحد الآثقال التي يجرها خلفه وتعيق حركته كثيرا. والخطير أن هذا الكائن يزيد غوصا في الالتباس والارتباك مع تقدمه في العمر (الفيزيولوجي والمجتمعي وحتى الثقافي)، مادام لا يتكلف أحد بمساعدته على فهم هذا الجسد الفائر وإيجاد سبيل ما للتعامل معه. فيظل حائرا بين الاستسلام إلى جموحه وفورانه، وبين كل تلك القواعد والضوابط التي تحذره من مغبة ذلك، ما يجعله يذهب إلى حد كره هذا الجسد الذي يعذبه ويتعذب معه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجسد المربك الجسد المربك



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 18:14 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 23:59 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مواهب صغيرة تُشارك في الموسم الثاني لـ "the Voice Kids"

GMT 18:15 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيونسيه تسحر الحضور بـ"ذيل الحصان" وفستان رائع

GMT 22:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

جمارك "باب مليلية" تحبط عشر عمليات لتهريب السلع

GMT 02:20 2015 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

أصغر لاجئة في "الزعتري" تجذب أنظار العالم لقسوة معيشته

GMT 01:31 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مريهان حسين تنتظر عرض "السبع بنات" و"الأب الروحي"

GMT 02:54 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر سعيدة بالتمثيل أمام الزعيم عادل إمام

GMT 18:21 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة فوز الوداد.. الرياضة ليست منتجة للفرح فقط

GMT 01:10 2016 الأحد ,10 تموز / يوليو

الألم أسفل البطن أشهر علامات التبويض

GMT 12:16 2014 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

عروض الأفلام القصيرة والسينمائية تتهاوى على بركان الغلا

GMT 02:30 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل الجزر البريطانية لالتقاط صور تظهر روعة الخريف

GMT 13:57 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

"الفتاة في القطار" تتصدر قائمة نيويورك تايمز

GMT 04:56 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار مستحدثة لديكور غرف نوم بدرجات اللون الرمادي
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya