قصف موسكو وطهران بالدولار

قصف موسكو وطهران بالدولار!

المغرب اليوم -

قصف موسكو وطهران بالدولار

بقلم - راجح الخوري

عندما كان الرئيس دونالد ترمب مجتمعاً مع قادته العسكريين يوم الاثنين الماضي لدرس عملية الرد على الهجوم الكيماوي على دوما، كان الرئيس فلاديمير بوتين مجتمعاً مع خبرائه الاقتصاديين لدراسة الانهيار المريع في مؤشرات البورصة الروسية التي فقدت 10 في المائة من قيمتها، منذ الإعلان عن فرض عقوبات أميركية جديدة على رجال أعمال روس وشركات تملكها الأوليغارشية المقرّبة من بوتين؛ ما يشكّل ضربة موجعة للاقتصاد الروسي.
في موازاة ذلك، كان النواب الإيرانيون يشتبكون بالأيدي وسط خلافات صاخبة بسبب الانهيار المتصاعد والمريع في قيمة العملة الإيرانية (تومان) التي خسرت ثلث قيمتها أمام الدولار الأميركي في أسابيع!
وهكذا، بعدما استعمل الروس مساء الثلاثاء الفيتو للمرة الثانية عشرة لإفشال القرار الأميركي بإرسال فريق من المحققين الكيميائيين إلى دوما، وبعدما تحركت حاملتا الطائرات «Harry Truman» و«Carrier Air Wing VII» إلى المتوسط، طرحت تساؤلات كثيرة: 
ما حاجة الولايات المتحدة إلى تحريك الأساطيل إذا كانت العقوبات الاقتصادية تزلزل الوضع تحت أقدام بوتين والنظام الإيراني، اللذين يتكبدان تكاليف الحرب دعماً للنظام السوري، المتهم باستعمال السلاح الكيماوي في دوما وقبلها في الغوطة يوم ردت واشنطن بتوجيه ضربة صاروخية إلى قاعدة الشعيرات كما هو معروف؟
لا بد من أن بوتين يتذكّر جيداً ذلك النهار، 26 ديسمبر (كانون الأول) من عام 1991 عندما أصدر مجلس السوفيات الأعلى البيان الذي أعلن فيه استقلال الجمهوريات السوفياتية السابقة، عندما انهار الاتحاد السوفياتي مثل ركام من الخردة نتيجة العوامل الاقتصادية الخانقة؛ ولهذا بدا الأمر موجعاً تماماً عندما أبلغوه بداية الأسبوع، بأن بورصة موسكو خسرت 5.11 في المائة، وأن مؤشر الروبل تهاوى بنسبة 2.9 في المائة، بينما انخفضت أسهم أبرز مصرفين في روسيا، وهما «سبير بنك» المملوك من الدولة و«في تي بي»، بنسبة 10 في المائة.
الحرب التي يخوضها بوتين في سوريا منذ سبتمبر (أيلول) عام 2015 ليست نزهة بالنسبة إلى اقتصاد يتراجع ويعاني من العقوبات الأميركية التي بدأت مع دخول الروس إلى القرم وإثارة النزاع في أوكرانيا، والتي تعتبرها موسكو حرباً اقتصادية ضدها، ووفقاً لمؤسسة «غيتي»، فإن خط الفقر الرسمي المعلن في روسيا بات يعادل 171 دولاراً للشخص في الشهر، وليس سهلاً على بوتين الذي كان نجح في خفض نسبة الفقر بعد نمو اقتصادي يعتمد على النفط قبل انخفاض أسعاره، أن يتلقى يوم الثلاثاء الماضي تقرير هيئة الإحصاء الروسية الرسمية (روستات)، وفيه أن عدد الفقراء من مواطنيه تجاوز نسبة 13 في المائة من مجموع سكان البلاد، أي في حدود عشرين مليوناً!
يصبح الأمر محرجاً، بل موجعاً أكثر، إذا تذكرنا أن بوتين أعلن عشية إعادة انتخابه، في بداية شهر مارس (آذار) الماضي، أنه يريد خفض معدل الفقر «غير المقبول» في روسيا إلى النصف في السنوات الست المقبلة، مُذكراً بأن الذين يعانون من الفقر في روسيا كان قد تجاوز 42 مليوناً في عام 2000، لكن عندما قال «إن رخاء روسيا ورخاء مواطنيها يجب أن يكونا أساس كل شيء، وهو الأمر الذي يجب أن نُحدث فيه تقدماً» وجد كثيراً من الانتقادات التي تُوجه إلى تكاليف دخوله الحرب في سوريا وأوكرانيا!
ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، يرى أن تفاقم الأزمة نتيجة «العقوبات الأميركية المشينة؛ نظراً لعدم قانونيتها ولانتهاكها كل الأعراف»، أما رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف، فيصف هذه العقوبات بأنها «غير مقبولة وغير قانونية، وأن موسكو تحتفظ بحق الردّ عليها»، لكن كيف في الوقت الذي تنقل صحيفة «كوميرسانت» عن مصادر في واشنطن، أن مستشار الأمن القومي الجديد في البيت الأبيض جون بولتون المعروف بتشدده ضد موسكو يعكف على تحضير مروحة جديدة من العقوبات على خلفية الهجوم الكيماوي في دوما وموقف موسكو منه؟
وإذا كانت الطيور الاقتصادية الروسية تترنح تحت وطأة العقوبات الأميركية، فماذا نقول عن الطيور الإيرانية المذبوحة إلى درجة أن العملة الإيرانية خسرت ثلث قيمتها مند هدد الرئيس ترمب بالانسحاب من الاتفاق النووي، وفي حين اشتبك النواب بالأيدي في طهران يوم الاثنين كان الدولار يحلّق عالياً، ورغم أن البنك المركزي الإيراني حدد سعر صرف الدولار الواحد بـ37814 توماناً، فإنه وصل إلى 55200، ليقول مدير أحد مكاتب الصرافة في طهران «إن الحكومة لا يمكنها أن تفعل أي شيء عندما يدب الذعر في السوق، وإذا خرجت أميركا من الاتفاق النووي قد تنهار العملة الإيرانية لتبلغ 70 ألف تومان مقابل الدولار»!
لكن القصة في إيران ليست قصة عملة منهارة؛ لأن هناك ملامح تحركات شعبية قد تنفجر مجدداً كما حصل قبل أسابيع، والأرقام الرسمية تتحدث عن نسبة بطالة في بعض المدن تصل إلى 60 في المائة، في حين يعترف وزير الداخلية عبد الرضا فضلي، بأن الفقر ينهش نصف السكان، أي 40 مليوناً، وهو ما تؤكده لجنة الخميني للإغاثة الحكومية، وتعترف وكالات الأنباء الحكومية في إيران، بأن 33 في المائة من الشعب يعيشون تحت خط الفقر، و6 في المائة تحت خط الجوع!
المضحك المبكي، أن الأزمة الاقتصادية تعلك النظام الإيراني الذي ينخرط في الحرب السورية والتدخلات الإقليمية، لكن المرشد علي خامنئي لم يتردد يوم الاثنين الماضي رغم أن العملة الإيرانية خسرت نصف قيمتها في السوق الحرة، في الحديث عن «مرحلة من العزّة، وأن قوة النظام ستتعاظم رغم أنف الأعداء»!
يوم الأربعاء الماضي فرضت السلطات الإيرانية سعراً موحداً للدولار، وحداً أقصى لامتلاك المواطنين عملات أجنبية خارج المصارف، لكن ذلك لن يوقف الانهيار في وقت تسعى فرنسا وبريطانيا وألمانيا إلى إقناع الدول الأوروبية بدعم فرض عقوبات جديدة على إيران، تستهدف برنامجها الصاروخي وتدخلاتها الإقليمية، وقالت سيغال ماندلكر، وكيلة وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب، إن هذه العقوبات جزء مهم من جهد شامل لمواجهة النشاط الخبيث الذي تمارسه طهران في المنطقة!
الآثار السياسية للأزمة الاقتصادية في إيران تتجاوز مثيلتها في روسيا، فقد بات الخلاف علنياً بين خامنئي والرئيس حسن روحاني، الذي سبق أن حذّر ضمنياً خامنئي في بداية فبراير الماضي، من مواجهة مصير الشاه بسبب عدم سماع صوت الشعب «لا يمكن لأحد أن يمنع الناس من التعبير عن الآراء والانتقادات وحتى الاحتجاج»، لكن خامنئي يمضي في انتقاد روحاني وسلفه محمود أحمدي نجاد بالقول «إن أولئك الذين بيدهم إدارة البلاد وشؤونها التنفيذية اليوم أو أمس، ليس لديهم الحق في تولي دور المعارضة والمنافسين، بل يجب أن يتحملوا المسؤولية»!
وكان أحمدي نجاد اتهم خامنئي في 18 مارس الماضي بالحصول على 190 مليار دولار بطرق غير مشروعة، في حين قال مهدي كروبي، إن ظلم النظام وفساده سبب الاحتجاجات الأخيرة، بينما وصل الأمر بالإصلاحي أبو الفضل القدياني إلى تشبيه خامنئي بجوزيف غوبلز!!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصف موسكو وطهران بالدولار قصف موسكو وطهران بالدولار



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 18:41 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 14:36 2017 السبت ,22 تموز / يوليو

بين إعلام الحقيقة وإعلام المنتفعين

GMT 03:43 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بقلم : أسامة حجاج

GMT 01:55 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أكثر من 700 دودة شريطية تغزو دماغ ورئتي رجل

GMT 13:54 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

قائمة "نيويورك تايمز" لأعلى مبيعات الكتب

GMT 03:22 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

"سوني" تطلق نسخا جديدة كليا من "PlayStation"

GMT 12:13 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

السبع ينفي وجود انخفاضات في أسعار السيارات الأوروبية

GMT 07:21 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أبرز وجهات شهر العسل في كانون الأول

GMT 02:51 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

نجمات مهرجان الجونة يجذبن عشاق المجوهرات الثمينة

GMT 07:47 2018 الأحد ,23 أيلول / سبتمبر

اعتقال شخص أقدم علي التحرش بسيدة في مدينة فاس

GMT 22:20 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

العثور على رضيع متخلى عنه في أحد شوارع مدينة وزان

GMT 15:43 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

المنتخب المغربي لأقل من 19 سنة يصل إلى تونس

GMT 04:52 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

عطور "أنفاس" تعزز الشعور بالسعادة
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya