بقلم - محمد أمين
لم تعد قرارات الحرب تُصنع فى مراكز عمليات سرية للغاية، ولم تعد الحكاية تحتاج إلى جواسيس واستخبارات.. كل الأمور الآن على المكشوف، وعلى الهواء مباشرة.. وقد فاجأنا الرئيس وفاجأ العالم بما أرسله من رسائل مهمة جداً لحل المشكلة الليبية بالطريقة التى تراها مصر وتفرضها!.
فقد استيقظنا واستيقظ العالم على الرئيس وهو فى قاعدة برانى على حدود ليبيا ومشهد الاصطفاف العسكرى يقول كل شىء.. ويرسل رسائل بعلم الوصول لجميع الأطراف.. وبالتالى لم يكن غريبا أن تتحدث الخارجية الأمريكية عن حل، وتحدث اتصالات تركية وقطرية بعد ساعات، ويكون هناك رد فعل سعودى وإماراتى أيضاً!.
وأتوقف هنا بعد مشهد الاصطفاف عند تعبيرات بعينها أطلقها الرئيس حين أعلن قائلاً «يخطئ من يتصور أن حلمنا ضعف.. ويخطى من يتصور أن صبرنا تردد، ولكنه كان بهدف استجلاء الموقف» وكأنه يرد على أى تاخير حدث فى الموقف المصرى، وهو كلام مهم جداً للشعب، ويرد على كثير من الأسئلة!.
ولا يعنينى هنا موقف الإخوان على وسائل التواصل الاجتماعى.. أتحدث عن موقف الوطنيين المهمومين بموقف مصر واستعدادها.. قال الرئيس إن مصر لا تتردد ولا تضعف ولا تلين.. ولكنها تدرس كل تحركاتها، وتستجلى الموقف تماماً، ولذلك قرر خوض المعركة إذا كانت القبائل الليبية ستدعوه للدخول وتسير أمام الجيش.. ثم إنه لا يدخل لكى يبقى ولكن ليقر حقيقة ثم يعود!.
ويصدمنى أن يظهر معارضون للموقف المصرى.. يتساءلون: لماذا لا يذهب إلى إثيوبيا، بينما يذهب ليحارب تركيا فى ليبيا؟.. وهؤلاء بالتأكيد ليسوا مشغولين على نهر النيل، ولكنهم يريدون أن يصفو الجو لتركيا فى ليبيا لأنهم من أنصار السلطان التركى.. ويوسعون له الطريق لدخول المنطقة.. هؤلاء لا اعتبار لهم بالمرة، ومصر هى التى تحدد أولوياتها وتفرض معاركها.. وقد اختارت أن تذهب إلى مجلس الأمن فى قضية سد النهضة، وأن تذهب إلى الحرب لتواجه تركيا وهى أدرى، وعندها تقدير موقف لكل شىء!.
وينسى الأغبياء والخونة أن مصر لا تتدخل بهدف التدخل، ولكن الهدف هو استعادة الأمن والاستقرار فى ليبيا باعتباره جزءا لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى، وغاية ذلك وقف إطلاق النار وحقن دماء الأشقاء، وإطلاق تسوية سياسية برعاية أممية وفق مخرجات مؤتمر برلين.. وهى النغمة التى عبرت عنها تصريحات دولية كثيرة طوال أمس!.
وقد استقبلت الأطراف المعنية تكليفات الرئيس للجيش بتنفيذ مهام داخل الحدود أو خارجها بالاهتمام اللازم ورأينا من يستوعب موقف مصر، ويدعو إلى وقف إطلاق النار، بعد أن تظاهرت القبائل فى سرت لدعوة جيش مصر للتدخل!.
ومعناه أن الرئيس غيّر معادلات الحرب والسلام، حين أرسل رسائله القوية عن الردع وجاهزية الجيش للتدخل، وقال مشهد الاصطفاف كل شىء، دون أن يطلق الجيش رصاصة واحدة!.