«بوليساريو» تلوّح بالسلاح

«بوليساريو» تلوّح بالسلاح

المغرب اليوم -

«بوليساريو» تلوّح بالسلاح

محمد الأشهب

هل تقدر منطقة الشمال الإفريقي على استيعاب هزات عنيفة، من قبيل معاودة اشتعال الحرب حول قضية الصحراء؟ مبعث السؤال أن جبهة «بوليساريو» لم تستبعد هذا الخيار ضمن خلاصات مؤتمرها الرابع عشر. ومع أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها التلويح بمعاودة حمل السلاح، فإن كل الاحتمالات تبقى مفتوحة، من دون أن تتجاوز سقف القرار الدولي.
التوتر قائم، ويمكن أن يتسع أو يتقلص، لكنه لا يصل إلى حالة تدهور خطر، بالنظر إلى أن الحرب هذه المرة لن تكون محدودة في نطاق ضيق. وإذا كان من ميزة إيجابية لقرار الأمم المتحدة إقامة منطقة عازلة شرق الجدار الأمني على مشارف الحدود مع الجزائر، ضمن ترتيبات وقف النار الذي يسري مفعوله منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، فهو أنه أبعد شبح المواجهة بين المغرب والجزائر. أقله أن الطيران المغربي يمكن أن يحلق فوق المنطقة العازلة من دون خرق الأجواء الجزائرية.
والحال أن تثبيت وقف النار لم يكن له أن يتم لولا التزام المغرب والجزائر بعدم توسيع نطاق الحرب. فقد أصبحت الجزائر طرفا في منظومة إقرار هذا التطور، لأنها حظرت انطلاق أي هجمات من الأراضي الواقعة تحت نفوذها. فيما أن الأمم المتحدة تنبهت إلى الصيغة الفضفاضة لمفهوم المنطقة العازلة، فمنعت بدورها أي نشاط مدني أو عسكري على امتداد هذه الرقعة.
أخطر المراحل التي اجتازتها حرب الصحراء التي دامت أكثر من 15 سنة، أن المغرب في ذروة اندلاعها استخدم ما يعرف بـ «حق المتابعة» أي ملاحقة المهاجمين إلى داخل الأراضي التي ينطلقون منها. وصادف أن تلك الفترة ذات الحمولة الخطرة، فتحت العيون على إمكان استبدال لغة السلاح بالحوار. وإن لم يكتب للقمة التي عقدت بين الملك الحسن الثاني والرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد أن تلتئم في بروكسيل بعد إعداد آخر ترتيباتها.
احتاج الأمر إلى سنوات جرب فيها المغرب والجزائر الانفتاح على بعضهما، وكان من ثمار فترة الانفراج في عهد الشاذلي بن جديد أن البلدين أقرا تجديد العمل باتفاق ترسيم الحدود وحسن الجوار، فيما ترك ملف الصحراء بين قوسين، على أساس أنه أصبح من اختصاص الأمم المتحدة.
لم يصمد شيء من وصفة التسوية السلمية التي وضعها الأمين العام للأمم المتحدة بيريز ديكويلار ومعالمها الأساسية، عبر خيار تقرير المصير الذي تتباين حوله القراءات والتأويلات، غير وقف النار. فيما استبدلت الأمم المتحدة صيغة التسوية السلمية بما اصطلح عليه «الحل السياسي» الذي ينطلق من مفاوضات مباشرة لا تكتمل من دون اتفاق جماعي على كافة آلياتها ومضامينها.
بيد أن الاتفاق على الصيغة الجديدة يراوح مكانه بين أكثر من مقاربة. الرباط تطرح خطة الحكم الذاتي الموسع التي ترى أنها آخر عقدة في التنازلات المطلوبة، على طريق التعاون والأمم المتحدة، و»بوليساريو» تتمسك بالعودة إلى خيار الاستفتاء، بما في ذلك إدراج مفهوم الحكم الذاتي، لكن المعضلة تزيد عن هذا التباين، وتشمل تحديد مفهوم ومسؤولية الأطراف المعنية.
عندما كان الوسيط الدولي إلى الصحراء جيمس بيكر بصدد وضع ترتيبات التسوية السلمية، صنف المغرب والجزائر كطرفين مباشرين، والجزائر وموريتانيا كطرفين مراقبين، من منطلق أنهما يؤويان أعداداً من الأشخاص المتحدرين من أصول صحراوية على أراضيهما. لكن هذه الصيغة انسحبت كذلك على مفهوم الحل الثالث البديل.
تقف كافة الأطراف اليوم في مواجهة بعضها، وثمة إشارة لم تخلُ منها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة تدعوها إلى التعاون فيها بينها ومع الأمم المتحدة لمعاودة بناء الثقة وإجراء تقدم كاف يسمح بتعبيد الطريق أمام استئناف المفاوضات. ما يعني أن خيار التسوية السلمية يغلب من وجهة نظر دولية على أي انزلاق نحو اشتعال المنطقة.
لا يهم البحث في خلفيات التلويح بمعاودة حمل السلاح، فعند كل مأزق يلوذ أطراف أي صراع إلى استخدام ما بحوزتهم من أوراق الضغط، لولا أن منطقة الشمال الإفريقي لا تبدو في وارد إضافة أعباء جديدة. فهي بالكاد تحاول الإمساك بالخيط الرفيع الذي يمكن أن يقود إلى حلحلة الأوضاع في ليبيا، وهي في غضون ذلك تترنح تحت ضربات الهجمات الإرهابية التي يمكن أن يزيد سعارها جراء استمرار أزمات منطقة الساحل جنوب الصحراء.
الخطوة الأقرب إلى الحكمة تتمثل في تقريب وجهات النظر. وفي أي حال، فالمنطقة استنفدت حروبها في وقت سابق، ولا شيء يجبرها على العودة إلى الماضي، ومن يربح خيار السلام يكون أكثر اطمئناناً، أقله أن صيغة لا غالب ولا مغلوب تجنب المنطقة مخاطر الانزلاق نحو الهاوية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«بوليساريو» تلوّح بالسلاح «بوليساريو» تلوّح بالسلاح



GMT 14:23 2020 الأحد ,05 تموز / يوليو

بعض شعر العرب - ٢

GMT 08:03 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

وعادت الحياة «الجديدة»

GMT 07:58 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي

GMT 07:54 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

لى هامش رحلة د. أبوالغار

GMT 07:51 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

«28 مليون قطعة سلاح»

GMT 07:48 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

الفيس.. والكتاب!

GMT 10:48 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

الأطباء ورئيس الوزراء

GMT 10:46 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

وداعًا للشيشة!

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:14 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 23:59 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مواهب صغيرة تُشارك في الموسم الثاني لـ "the Voice Kids"

GMT 18:15 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيونسيه تسحر الحضور بـ"ذيل الحصان" وفستان رائع

GMT 22:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

جمارك "باب مليلية" تحبط عشر عمليات لتهريب السلع

GMT 02:20 2015 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

أصغر لاجئة في "الزعتري" تجذب أنظار العالم لقسوة معيشته

GMT 01:31 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مريهان حسين تنتظر عرض "السبع بنات" و"الأب الروحي"

GMT 02:54 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر سعيدة بالتمثيل أمام الزعيم عادل إمام

GMT 18:21 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة فوز الوداد.. الرياضة ليست منتجة للفرح فقط
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya