ماذا تعني 20 فبراير اليوم

ماذا تعني 20 فبراير اليوم؟

المغرب اليوم -

ماذا تعني 20 فبراير اليوم

بقلم - عبد العالي حامي الدين

الاهتمام بذكرى ” 20 فبراير” يفرض نفسه ليس من باب النوستالجيا واسترجاع الذكريات الجميلة، بالنسبة إلى العديد من الشباب، الذين نزلوا إلى الشارع ذات صباح بارد تصدح حناجرهم بالشعارات المطالبة بإسقاط الفساد والاستبداد، وليس من باب الاهتمام التاريخي بظاهرة احتجاجية حركت الكثير من المياه الراكدة في البلد، وليس حتى من باب التقييم الموضوعي المطلوب لعناصر القوة وعناصر الضعف في هذه الدينامية السياسية والاجتماعية غير المسبوقة في تاريخ المغرب المعاصر…
قد تكون كل هذه الدوافع موجودة، لكن استرجاع هذه الذكرى كل سنة، يقف وراءه بالتأكيد ذلك الإحساس بأن هناك حاجة موضوعية لاستدعاء شيء ما افتقدته السياسة المغربية منذ انطفاء شمعة 20 فبراير ..
إنه ذاك الإحساس بأن الوضع السياسي العام ليس على ما يرام، وهناك حاجة إلى من يطلق صفارات إنذار واضحة، كما فعلت شبيبة 20 فبراير قبل سبع سنوات، وساهمت في وقف مسار تحكمي كان يستعد للهيمنة على مفاصل الدولة والسلطة، وسعى جاهدا إلى ترسيخ معادلة التنمية بدون ديمقراطية..
إنه ذلك الإحساس بأن حلم التغيير الذي انطلق قبل سبع سنوات، تعرض لمحاولات حثيثة لإطفائه، رغم جميع أشكال المقاومة التي جرى التعبير عنها.. كيف ذلك؟
احتجاجات 20 فبراير لم تكن بمبادرة من الأحزاب السياسية، لكن الذين رفعوا شعارات التغيير كانوا يعبرون عن ضمير القوى السياسية المطالبة بالإصلاح بكافة ألوانها السياسية والفكرية والاجتماعية والثقافية، فقد حضر في الاحتجاجات إسلاميون ويساريون وأمازيغيون وليبراليون ورجال أعمال ومثقفون وفنانون… حضر الشباب والأطفال والنساء، وانصهر الجميع في شعارات مسؤولة تعكس وعي الجميع بحجم اللحظة التاريخية التي كانت تمر بها البلاد… الذين خرجوا يوم 20 فبراير كانوا يدركون أن النخبة السياسية المعول عليها لصناعة التغيير الديمقراطي، هي نخبة مكبلة بثقل ثقافة سياسية محافظة راكمتها خلال عقود من الاستبداد، ولا تستطيع التحرر منها بسهولة، وتقع على عاتقهم مهمة تحريرها في هذه المرحلة للقيام بواجبها على أكمل وجه..
نعم، تمت محاولات نقل مطالب 20 فبراير إلى المؤسسات، وتشكل برلمان جديد وحكومة جديدة برئاسة عبدالإله بنكيران، في اختبار لوصفة الإصلاح في ظل الاستقرار ولامتحان التأويل الديمقراطي للدستور..
هذه الوصفة لقيت تجاوبا واضحا من طرف المجتمع، وتفاعل معها المواطنون – على العموم – بشكل إيجابي خلال مختلف المحطات الانتخابية (4 شتنبر2015 و7 أكتوبر 2016)، وعلقوا عليها آمالا عريضة وانتظارات كبيرة، خصوصا مع المصداقية الكبيرة والقتالية الواضحة التي عبر عنها بنكيران، دفاعا عن الفئات الاجتماعية الهشة والفقيرة.. وأخيرا دفاعا عن أصوات المواطنين..!
لكن هذا المسار لم يكمل دورته المطلوبة، حتى يخضع للتقييم بشكل موضوعي وتعرض لنكسة واضحة كانت كافية للابتعاد تدريجيا عما سُمي في البداية بالتأويل الديمقراطي للدستور، وفسح المجال أمام ممارسة سياسية بعيدة جدا عن التصورات المثالية، التي ارتسمت بعد التصويت على دستور 2011.
لقد حققت دينامية 20 فبراير المطلوب منها وقامت بتحرير الشارع من الخوف، ورمت بالكرة إلى الطبقة السياسية التي لم تستطع انتزاع الاعتراف بالرشد، ولازالت تعامل معاملة القاصرين بعدما رضي بعضها بذلك..
20 فبراير ستبقى منقوشة في ذاكرة المغاربة، لأنها كانت فرصة خرج فيها العديد من المغاربة للشارع مطالبين بالديمقراطية وإسقاط الفساد والاستبداد، وأسست ليقظة مجتمعية لا يمكن أن تقبل بالتراجع عن المكتسبات التي تم تحقيقها..
طبعا، لا يمكن التنبؤ بميلاد حركة أخرى شبيهة، لكن دروس التاريخ تفيدنا في الجزم بأنه كلما كان هناك إصلاح سياسي مضطرد وملموس، كلما تراجعت الحركات الاحتجاجية، وكلما كان هناك انسداد سياسي وانتهاكات في مجال حقوق الانسان، كلما تبلورت الحركات الاحتجاجية، وهذه القاعدة، لا تنطبق فقط، على المغرب، بل على مجموع البلدان في أنحاء المعمور.
كل عام وروح 20 فبراير فينا .

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا تعني 20 فبراير اليوم ماذا تعني 20 فبراير اليوم



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 13:41 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

انطلاق مهرجان فلسطين الدولي لمسرح الطفل والشباب 2019

GMT 17:25 2018 الأحد ,24 حزيران / يونيو

نيزك يخترق سماء قبرص ويحدث فرقعات مدوية

GMT 06:06 2018 السبت ,09 حزيران / يونيو

باحثون يؤكدون زيت شجرة الشاي يُستخدم للتطهير

GMT 07:52 2018 الجمعة ,01 حزيران / يونيو

"لاكوست" تطرح مجموعة جديدة ومبتكرة من الأحذية

GMT 02:51 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

تعرف على مواصفات لاب توب Dell Precision 5530 الجديد

GMT 00:00 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

"بي إم دبليو" تُطلق جديد "الفئة الخامسة"

GMT 19:54 2018 السبت ,17 آذار/ مارس

الحجاب: فريضة أم أيديولوجية سياسية؟
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya