هل طهران ضرورة للأسد

هل طهران ضرورة للأسد؟

المغرب اليوم -

هل طهران ضرورة للأسد

بقلم : عبد الرحمن الراشد

لا يمكن إنكار أن التدخل الإيراني في حرب سوريا الأهلية أنقذ النظام السوري. هذا الاستنتاج لا يمكن أن يتجاهله راسمو السياسات الإقليمية عندما يطلبون من حكومة دمشق إخراج إيران. يبدو أن الحكومة السورية تؤمن بأن العلاقة مع الإيرانيين ضرورة لمنع إسقاطها مستقبلاً. لهذا؛ يستبعد أن يغادر الإيرانيون سوريا برضاهم، بعد أن خسروا فيها من الدم والدولارات ما لا يستهان به، وجعلوها قطعة رئيسية في لعبة سياستهم الخارجية التي تقوم على مد نفوذهم إلى خارج الحدود.
فهل إبعاد إيران اشتراط غير واقعي؟
للإجابة عن هذا السؤال لا بد أن نقرأ العلاقة بين الحليفين، في إطارها التاريخي. الرئيس الأب الراحل، حافظ الأسد، هو من فتح باب العلاقة مع قادة الثورة الإيرانية مبكراً لسببين مهمين آنذاك. أولاً موازنة القوة مع إسرائيل، التي كانت قد بدأت تتحدى سوريا في لبنان. والآخر، والأهم، محاصرة نظام صدام حسين في العراق، العدو المشترك للأسد وآية الله الراحل الخميني. ولولا هذا الحلف ربما اجتاح صدام سوريا، مستفيداً من انهيار الاتحاد السوفياتي في مطلع التسعينات، كما فعل مع الكويت، وبخاصة أن صدام يعتبر أن سوريا تآمرت ضده خلال حربه مع إيران. وقد خاض النظامان البعثيان حروباً خفية على أرض لبنان، وسبق أن اتهمت بغداد دمشق بمحاولة تنظيم انقلاب أعدم إثرها عدد كبير من قيادات حزب البعث العراقي.
في بداية العمل المشترك السوري - الإيراني في لبنان، وقعت مواجهات لقوات سوريا مع «حزب الله» المحسوب على إيران، حسم فيها الأسد قواعد الاشتباك على التراب اللبناني، وأنه من يملك الكلمة الأخيرة.
ووقعت عشرات الأعمال الإرهابية نفذتها ميليشيات إيران ضد اللبنانيين والعرب والغربيين، كانت بمعرفة، أو على الأقل عدم ممانعة دمشق، في الثمانينات والتسعينات. وصارت سوريا الممر والراعي السياسي لهم. من جانبه، استفاد الأسد من التغول الإيراني وعزز نفوذه الإقليمي، وصار مرجعاً يتوسط، أو يفك أسر الرهائن، أو يتفاوض مع إيران أو ميليشياتها. حمته حينها قواعد الاشتباك إبان الحرب الباردة التي ما كانت تسمح بتغيير الخرائط الجغرافية، ولا أحد يرغب في مواجهات شبه مباشرة، وأصبح لبنان الساحة الرخوة للمواجهات. مع خروج السوفيات ورحيل الأسد الأب، كانت التمنيات أن يسبح بشار الأسد إلى الضفة الأخرى، وبالفعل تطورت علاقته مع دول الخليج والأردن والغرب، لكن بقيت إيران في دمشق، خلف الستار. لهذا فشل انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في أن يحقق الانفراجة المأمولة، وبالغ جنرالات سوريا في لبنان في سيطرتهم على التفاصيل السياسية. ومع موجة الاغتيالات، وتصفية الزعامات السنية والمسيحية اللبنانية، بات واضحاً أن المستفيد الأول هو إيران التي زاد نفوذها طردياً مع تنامي قوة «حزب الله».
النقطة الأهم في سؤال من المستفيد في علاقة دمشق بطهران، أن الانتفاضة السورية ربما ما كان لها أن تشتعل وتكبر إلا بسبب وضد حلف طهران، وما كان لها أن تستمر لسبع سنوات. وبالطبع العلاقة الخاصة هي التي دفعت نظام خامنئي إلى التدخل العسكري وإنقاذ حليفه.
هل نقول إن نظام دمشق ضحية علاقته بنظام طهران أم محظوظ بها؟
كل منا يستطيع أن يشكّل رأيه، لكن النتيجة قد تشكّل مستقبل سوريا الذي يحسم اليوم؛ فعلاقة طهران بدمشق هي العقبة الوحيدة في إنهاء الحرب، والاعتراف بسلطة النظام، وعودة العلاقات الإقليمية والدولية مع دمشق. ومعظم حكومات المنطقة لا تهوى التدخل في كيف يحكم نظام دمشق بلاده، لأنها لا تريد للآخرين أن يملوا عليها كيف تدير شؤونها. إنما إيران كانت، ولا تزال، تمثل خطراً على هذه الدول، وجودها واستقرارها.
دمشق أمام وضع جديد مختلف عن السابق في علاقتها بطهران. أولاً، إسرائيل ترفض وجود إيران عسكرياً في محيطها الجغرافي المباشر، وستستمر في عملياتها العسكرية ضدها التي بلغت الأعلى منذ حرب 1973. والوجود الإيراني يدفع الكثير من الدول العربية للاصطفاف مع إسرائيل؛ رغبة في إخراج إيران من سوريا وحتى لبنان. ثانياً، إيران أمام تحديات داخلية تشي بأنها مقبلة على تغييرات مهمة. علينا ألا نقلل من خطورة عمليات التمرد اليومية في داخل الجمهورية الإسلامية، التي أضعفتها، وستضطرها إلى تقليص نفوذها الخارجي. وسيبقى على سوريا أن تختار في النهاية إما مع إيران أو الخروج من فلكها؟
 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل طهران ضرورة للأسد هل طهران ضرورة للأسد



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 21:05 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الجهاز الفني للأحمر يُوافق على طلب وليد أزارو

GMT 22:26 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

ريتا حرب تؤكد أن تجربتها مع الجمهور المصري مرعبة

GMT 10:45 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

درس علمي بتعاوني الملحاء والمخلاف الثلاثاء

GMT 05:04 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

مهرجان "ضيافة" يعلن شروط الترشح لجائزة أفضل مدوّن في دبي"

GMT 16:36 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

العجز المالي لمولودية وجدة يبلغ 700 مليون سنتيم

GMT 02:43 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

حسن الرداد في ضيافة "أبلة فاهيتا" في "الدوبلكس"

GMT 02:50 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

سعر الدرهم المغربي مقابل الدولار الأميركي السبت

GMT 05:34 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

بغداد صباح الجمعة

GMT 03:44 2016 الخميس ,04 شباط / فبراير

علاج الدوالي في 4 أطعمة

GMT 00:42 2016 الثلاثاء ,12 تموز / يوليو

اكتشفي أسباب عدم بكاء الطفل حديث الولادة

GMT 00:58 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

وصول قيمة لاعبي منتخب المغرب نحو 100 مليون أورو
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya