لبنان وسقوط الرموز المقدسة

لبنان وسقوط الرموز المقدسة

المغرب اليوم -

لبنان وسقوط الرموز المقدسة

بقلم - عبد الرحمن الراشد


أزمة لبنان قديمة، والكيل فاض عند أهله منذ زمن؛ لكن للشجاعة ثمن، وقد دفعه بالدم عشرات ومئات من الذين تجرأوا على المطالبة بالتغيير. إنما هذه الجولة الاحتجاجية التي عمت أنحاء البلاد مختلفة، لم تعد فيها مقدسات سياسية، بما فيهم حسن نصر الله، مع بقية القيادات الحكومية.
ميزها، أيضاً، أن المناطق التقليدية التي تحت سلطة «حزب الله» انتفضت ضده، وجاهرت بتحديه ورفض سلطته. الأمر الذي اضطره إلى الخروج على التلفزيون وتهديد الجميع بمن فيهم وزراء الحكومة، محذراً بأن من سيستجيب لمطالب المتظاهرين ويستقيل فسيحاسب.
عموم الشارع اللبناني أجمع على التغيير؛ لكن أي تغيير؟ حتى أن وزير السياحة استنكر مطلبهم قائلاً: «إن أردتم التغيير فانتظروا الانتخابات المقبلة، مارسوا حقكم وصوتوا بمن تريدونه يمثلكم». كلام سياسي مفذلك، يبدو منطقياً، فالنظام السياسي في لبنان ظاهره ديمقراطي، كما يبدو من الانتخابات وتوازنات السلطات، والرئاسات الثلاث: الرئيس، ورئيس الوزراء، ورئيس البرلمان، إنما تنظمه نواميس اتفاق الطائف المبنية على المحاصصة والمحافظة على القوى السياسية من دون تغيير، مهما تبدل المرشحون وتكررت الانتخابات. والأسوأ من ذلك، فإن البلد كله رهينة «حزب الله»، الميليشيا الأقوى من الجيش، والتي تزرع الرعب في قلوب السياسيين ورجال الأعمال والمجتمع، وتعلو كلمتها على الجيش والأمن. وبالتالي فإن الاحتكام إلى صندوق الانتخابات لا يمكن أن يجيب مطالب اللبنانيين الذين أجمعوا على المطالبة بتغيير الوضع، وأنه لم يعد يطاق معيشياً وسياسياً. اللبنانيون في هذا الحراك الأوسع، منذ استقلال البلاد في عام 1943، يبحثون عن صيغة للدولة الوطنية تجمعهم، بين سكانه الذين ينتمون إلى 18 طائفة، وتنهي التدخلات الخارجية التي تستخدم القوى المحلية لتنفيذ أجنداتها. مطالب الشارع تدعو إلى نظام انتخابي جديد غير طائفي وخالٍ من السلاح.
البحث عن دولة وطنية جامعة، مطلب نراه يتكرر في عدد من دول المنطقة التي تعاني من التشرذم السياسي، كما هو الحال في العراق، الذي شهد حراكاً شعبياً واسعاً مماثلاً يدعو إلى الدولة الوطنية؛ لا الدولة الدينية التي تحاول بعض القوى المسلحة فرضها بالقوة.
الأمل يحدو كثيرين أن تفرز الانتفاضة اللبنانية السلمية حلولاً تنهي الفساد السياسي والتسلط المسلح، وتضع البلاد على طريق التنمية والاستقرار. والأخطار الكثيرة تهدد هذا الحراك، وتختفي وراء كل شجرة هناك.
فهل يسمح «حزب الله» بالتغيير الذي يطالب به الشارع في لبنان؟ الحزب الذي ضحى بآلاف من الشباب اللبناني قتلوا دفاعاً عن الأنظمة في سوريا والعراق واليمن، وحتى داخل الأقاليم الإيرانية التي شهدت انتفاضات ضد السلطة، هل يتربص بدعاة التغيير في لبنان أم يسمح به؟
مهما يكن، فإن العالم يعرف اليوم أن في لبنان إجماعاً ضد نظام المحاصصة والفساد والسلاح.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان وسقوط الرموز المقدسة لبنان وسقوط الرموز المقدسة



GMT 15:17 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ١

GMT 15:15 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

أخبار اسرائيل سيئة مثلها

GMT 18:43 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

ديكارت ومحافظ البصرة

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 18:14 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 23:59 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مواهب صغيرة تُشارك في الموسم الثاني لـ "the Voice Kids"

GMT 18:15 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيونسيه تسحر الحضور بـ"ذيل الحصان" وفستان رائع

GMT 22:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

جمارك "باب مليلية" تحبط عشر عمليات لتهريب السلع

GMT 02:20 2015 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

أصغر لاجئة في "الزعتري" تجذب أنظار العالم لقسوة معيشته

GMT 01:31 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مريهان حسين تنتظر عرض "السبع بنات" و"الأب الروحي"

GMT 02:54 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر سعيدة بالتمثيل أمام الزعيم عادل إمام

GMT 18:21 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة فوز الوداد.. الرياضة ليست منتجة للفرح فقط

GMT 01:10 2016 الأحد ,10 تموز / يوليو

الألم أسفل البطن أشهر علامات التبويض

GMT 12:16 2014 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

عروض الأفلام القصيرة والسينمائية تتهاوى على بركان الغلا

GMT 02:30 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل الجزر البريطانية لالتقاط صور تظهر روعة الخريف

GMT 13:57 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

"الفتاة في القطار" تتصدر قائمة نيويورك تايمز

GMT 04:56 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار مستحدثة لديكور غرف نوم بدرجات اللون الرمادي
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya