الرباط - المغرب اليوم
أصدر علي نجاب، طيار مغربي كان أسيرا لدى جبهة البوليساريو، مذكراته التي تحكي ما عاشه في سجون تندوف على مدى خمسة وعشرين عاما.
مذكرات "25ans dans les geôles de Tindouf" صدرت قبل أيام عن دار نشر "لاكروازي دي شومان" في 569 صفحة، بدأها الضابط السابق في صفوف سلاح الجو المغربي بإهداء إلى الملك محمد السادس، القائد الأعلى رئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية.
كما شمل الإهداء من وصفهم نجاب بـ"الشهداء المفقودين خلال حرب الصحراء والسجناء المتوفين جراء التعذيب في تندوف"، وإلى والديه، وزوجته عتيقة السايغ، وابنته "أُولا"، وحفيديه مريم ويزيد، وأخيه الراحل أحمد نجاب.
تقديم الكتاب يقول إن هذه المذكرات "تحكي تجربة أسير الحرب المؤلمة خلال أكثر من 9125 يوماً من المعاناة والتعذيب والإذلال من جانب البوليساريو أمام لا مبالاة ضباط أجهزة الأمن العسكري الجزائري".
وبالنسبة لعلي نجاب، فإن هذا الكتاب ما كان ليرى النور لو لم تدفعه زوجته عتيقة سايغ إلى كتابته، ويقول في هذا الصدد: "لكن لا أريده أن يكون لي وحدي، هذا كتاب لجميع زملائي حيث أسرد بعض الشهادات لإظهار ما عانوا هم أيضاً".
ويشير تقديم الكتاب إلى أنه يهدف إلى أن يكون بمثابة إشادة بـ2400 أسير حرب مغربي عانوا خلال ربع قرن محنة حقيقية أمام "اللامبالاة الكاملة للهيئات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان".
ويؤكد نجاب أن الانتهاكات تقع فوق الأراضي الجزائرية رغم أنها موقعة على اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية، التي تحمي أسير الحرب.
ويعتبر الكاتب أيضاً أن هذه المذكرات "هي أيضاً واجب للذكرى والاعتراف خاصة بأولئك الذين ضحوا بحياتهم من أجل استعادة أقاليمنا الجنوبية العزيزة"، ويضيف: "هذا الدين وهذا الاعتراف الذي لدى كل مواطن مغربي تجاههم هو عنصر أساسي للتنمية، وخاصة بين الشباب، للإحساس بالانتماء وقيمة الشجاعة والتفاني خدمة للوطن".
المذكرات حظيت بتقديم من طرف جامع بيضا، مؤرخ رئيس مؤسسة أرشيف المغرب، قال فيه: "تعرفت على الطيار علي نجاب، الضابط السابق في سلاح الجو للقوات المسلحة الملكية، في شهر أكتوبر من سنة 2005 بمناسبة الإعداد لتصوير حلقة من برنامج تلفزي لصالح القناة الثانية".
وأضاف بيضا في تقديمه للمذكرات: "بين واجب التحفظ وواجب الذاكرة، قرر نجاب اختياره بوضوح، فقد كشفت الصفحات التي كرسها لمسيرته العسكرية قبل الأَسْرِ عن نُبل مهنة السلاح التي غالباً ما تكون مصطلحاتها غير معروفة لدى المدنيين".
وذكر بيضا أيضاً أن "التاريخ العسكري المغربي لم يكتب بعد، وعندما اختارت السلطات المغربية إعادة العمل بالخدمة العسكرية لشبابنا، فإن كتاب علي نجاب الذي يضم حمولة كبيرة من الوطنية والمواطنة الصالحة يأتي لحسن الحظ لسد فجوة في مكتباتنا".
وأورد بيضا في هذا الصدد أن علي نجاب لاحظ أن الشباب المغاربة يجهلون تاريخ بلادهم، وهو تاريخ يمكن أن يُعزز لديهم حب الوطن، بحيث قال نجاب في مذكراته: "أنا شخصياً منزعج لأني التقيت بشباب يعرفون تاريخ نادي برشلونة وريال مدريد لكن لا يعرفون شيئاً عن نزاع الصحراء ولا تاريخ المغرب بشكل عام".
وأكد رئيس مؤسسة أرشيف المغرب أن علي نجاب لا يتظاهر بأنه مؤرخ لكنه يقدم شهادته المؤثرة لعامة الناس، وزاد قائلاً: "بالإضافة إلى شهادته الخاصة حول معاناة الأسر والاستجوابات والتعذيب والإهانات التي تعرض لها، فقد قام بعمل مفيد من خلال سرد شهادات عن زملائه الآخرين بأمانة، الذين يؤكدون بالحجج الدقيقة أن النظام الجزائري هو الذي يشن حرباً على المغرب عبر البوليساريو، التي هي بمثابة إرث من فترة الحرب الباردة".
يُذكر أن علي نجاب يبلغ من العمر حالياً 76 سنة، رأى النور سنة 1943 في منطقة مغراوة بإقليم تازة بالقرب من جبل بويبلان في قلب الأطلس المتوسط، والتحق بسلاح الجو سنة 1965، وكان متميزا طوال فترة تكوينه.
لكن مسيرة نجاب تدهورت بشكل مأساوي سنة 1978 بعدما أُسقطت طائرته أثناء مهمة استطلاعية جوية بصاروخ، وتم أسره من قبل البوليساريو ونقله إلى تندوف حيث قضى هناك 25 عاماً عاش على مداها التعذيب والإهانة وجميع أنواع المعاملة اللاإنسانية.
وأُفرج عن الكابتن علي نجاب في فاتح شتنبر من سنة 2003، وما يزال يعمل اليوم بجد من أجل إعادة التأهيل والإدماج الاجتماعي لأسرى الحرب السابقين العائدين من تندوف حتى ينعموا بالعودة إلى الحياة، لكنه يعرف أن هذه الطريق طويلة وصعبة.
قد يهمك ايضا
اليابان تجدد التأكيد على موقفها بعدم الاعتراف بـ"جبهة البوليساريو"
إسبانيا تدعم تنسيق الرباط وموريتانيا لتأمين معبر الكركرات الحدودي